النفسانية في مرتبة العلة للطلب وغيره من الأمور الانشائية، وقد عرفت أن دلالة المعلول على ثبوت علته دلالة عقلية غير مربوطة بالوضع، وجعل العلة من قيود المعلول ووضع اللفظ للمعلول المقيد بها يستلزم تجافى العلة عن مرتبتها، بداهة ان القيد يجب أن يكون في مرتبة المقيد، ورتبة العلة بتمام ذاتها قبل رتبة المعلول بتمام ذاته، فتقييده بها يستلزم التجافي (تبصرة) قال في المعالم: (فائدة يستفاد من تضاعيف أحاديثنا المروية عن الأئمة (عليهم السلام) ان استعمال صيغة الامر في الندب كان شائعا في عرفهم بحيث صار من المجازات الراجحة المساوي احتمالها من اللفظ لاحتمال الحقيقة عند انتفاء المرجح الخارجي فيشكل التعلق في اثبات وجوب امر بمجرد ورود الامر به منهم عليهم السلام) ومحصل كلامه (قده) ان كون الصيغة موضوعة للوجوب وان كان مرجحا لحملها عليه عند انتفاء القرينة، ولكن يعارض ذلك ويكافئه كون استعمالها في الندب أكثر وقال في الكفاية في مقام رده (ما حاصله): ان كثرة استعمالها في الكتاب والسنة في الاستحباب لا توجب حملها عليه (اما أولا) فلكثرة استعمالها في الوجوب أيضا فتعادلا من هذه الجهة، ويقدم الوجوب من جهة كونها موضوعة له. (واما ثانيا) فلان استعماله في الندب وان كان كثيرا ولكنه كان مع القرينة المصحوبة، وهذا لا يوجب انس اللفظ بالاستحباب بحيث يعادل الوجوب في الاحتمال، كيف! وقد كثر استعمال العام في الخاص حتى قيل ما من عام الا وقد خص ولم ينثلم به ظهوره في العموم، بل يحمل عليه ما لم تقم قرينة على الخصوص (انتهى كلامه).
(ونحن نقول اما أولا) فما ادعاه في المعالم مغاير لما في الكفاية، فان صاحب المعالم انما ادعى كثرة استعمال الصيغة في الندب في اخبار الأئمة عليهم السلام، لا في الكتاب والسنة كما في الكفاية، واخبار الأئمة ليست من السنة، لاطلاقها (بحسب الاصطلاح) على الاخبار النبوية فقط. (واما ثانيا) فما ذكره من أن كثرة الاستعمال مع القرينة المصحوبة لا توجب انس اللفظ بالمعنى المجازى، في غير محله، إذ اللفظ والقرينة لو استعملا معا في المعنى المجازى فما ذكره صحيح، واما إذا استعمل نفس اللفظ في المعنى المجازى كثيرا غاية الامر انه قد صاحبه القرينة حين الاستعمال، فلا نسلم (ح)