(ثم إن ما ذكرناه) في وجه عدم التمانع بين الضدين أولى مما ذكره بعض الأعاظم، وحاصل ما ذكره انه يتحقق الترتب بين اجزاء العلة في استناد المعلول إليها وجودا وعدما، فكما أن في طرف الوجود رتبة المقتضى قبل الشرط ورتبة الشرط قبل عدم المانع، فكذلك في طرف العدم فعدم المعلول عند عدم المقتضى لا يستند الا إليه، واستناده إلى عدم الشرط انما هو بعد وجود المقتضى كما أن استناده إلى وجود المانع انما هو بعد وجود المقتضى والشرط كليهما، فمانعية الشئ متوقفة على وجود المقتضى والشرط للمعلول، وعلى هذا فلا تمانع بين الضدين إذ لا يمكن وجود المقتضى لكليهما فان وجد أحدهما يكون الاخر معدوما، ولكن لا لوجود المانع بل لعدم المقتضى. (وبالجملة) لا يكون وجود أحد الضدين مقدمة لعدم الاخر ولا عدم أحدهما مقدمة لوجود الاخر لابتناء كليهما على مانعية أحد الضدين للاخر وقد عرفت عدم المانعية (انتهى).
" وفي هذا البيان نظر " لان الترتب الثابت بين اجزاء العلة انما هو بالنسبة إلى حال التأثير واما بالنسبة إلى توقف المعلول عليها فهي بأسرها في عرض واحد، فإذا قيل لك: ان وجود الشئ المعهود على أي شئ يبتنى؟ قلت: انه يبتنى ويتوقف على ثلثة أشياء: المقتضى، و الشرط، وعدم المانع، من دون أن يكون من الترتب اسم في البين وهذا واضح. (1) (ثم انك قد عرفت) ان ثمرة المسألة (أعني حرمة الضد الخاص) هي بطلانه إذا كان امرا عباديا كالصلاة التي هي ضد للإزالة المأمور بها، وقد نقل عن الشيخ البهائي (قده) انكار هذه الثمرة، (بتقريب) ان الامر بالإزالة التي هي أهم من الصلاة وإن لم يكن مقتضيا للنهى عن الصلاة ولكنه يقتضى عدم الامر بها، ويشترط في صحة العبادة كونها مأمورا بها، (والوجه في ذلك) ان الامر انما يصدر عن المولى بداعي البعث والتحريك ولا يوجد في نفسه هذا الداعي الا إذ رأى العبد متمكنا من الانبعاث عن امره، ولما كان انبعاثه نحو الضدين في زمان واحد من المحالات فلا محالة يكون بعث المولى الملتفت نحوهما أيضا من المحالات لعدم انقداح الداعي لهذا البعث في نفسه (وبالجملة) الامر بالضدين