(وبالجملة) الظاهر عدم اقناع ما ذكره (قده) في مقام الجواب.
فالأولى ان يقال): ان النهى التنزيهي عن هذا القسم من العبادات انما هو من جهة انه ينطبق على فعلها عنوان ذو حزازة، كما ينطبق على صوم العاشوراء عنوان الموافقة لبنى أمية، وعلى النوافل المبتدئة المأتية حين طلوع الشمس وغروبها عنوان الموافقة لعابدي الشمس مثلا، وهكذا، فالفعل لكونه منطبقا لعنوان ذي حزازة (أقوى من المصلحة الكائنة فيه) صار متعلقا للزجر التنزيهي، ولم يتعلق به امر فعلى ولكنه مع ذلك يقع صحيحا ان اتاه بقصد القربة من جهة كونه واجدا للملاك والمصلحة التي كانت تؤثر في الامر الفعلي لولا عروض هذا العنوان، وتعلق النهى التنزيهي به لا يمنع عن قصد التقرب به وعن صلاحيته لان يتقرب به لعدم كون مخالفته تمردا على المولى بخلاف النهى التحريمي فتدبر جيدا.
* (الامر الثاني) * (اعلم) ان الغرض في هذا المقام بيان حكم المحرم الذي انحصر فيه طريق التخلص من حرام أشد كالخروج من الدار المغصوبة بعد توسطها على وجه محرم، وكشرب الخمر الذي انحصر فيه طريق التخلص من الهلكة بعدما ارتكب بسوء الاختيار ما يؤدي إليها ونحو ذلك.
(ولكن المحقق) صاحب الكفاية لما ذكر في صدر المبحث مطالب من باب المقدمة ناسب ان نذكرها على وجه الاختصار (قال " قده " ما حاصله): ان الاضطرار إلى الحرام و ان كان موجبا لرفع حرمته وعقوبته وبقاء ملاك وجوبه مؤثرا له (لو كان فيه ملاك الوجوب) ولكنه إذا كان الاضطرار لا بسوء الاختيار، واما إذا كان بسوء الاختيار فالحرمة الفعلية و ان كانت مرفوعة أيضا، ولكنه حيث يصدر عن المكلف مبغوضا وعصيانا للنهى السابق الساقط لا يصلح لان يتعلق به الايجاب وان كان فيه ملاكه (انتهى).
(أقول): اما ما ذكره من أن الاضطرار إلى الحرام يوجب ارتفاع حرمته فمسلم، غاية الامر ان الحاكم بارتفاعها في الاضطرار العقلي هو العقل، وفي الاضطرار العرفي مثل حديث الرفع ونحوه.