استفادة الحرمة والمبغوضية من غير اللفظ أيضا جرى النزاع، وبناء الاستدلال الثاني على ادعاء ظهور قسم خاص من النواهي (وهي الواردة في باب المركبات المخترعات) في الارشاد إلى المانعية المقتضية للفساد قهرا، كظهور الأوامر الواردة فيها في الارشاد إلى الجزئية أو الشرطية.
(وبالجملة) هنا مسلكان مختلفان لا جامع بينهما، والبحث على الأول بحث عقلي وعلى الثاني بحث لفظي، فلأحد أن يلتزم بالفساد على الثاني دون الأول، واللازم (على المسلك الأول) ان يعبر في عنوان المسألة بالاقتضاء، (وعلى المسلك الثاني) بالدلالة.
(وإذا ظهر لك ما ذكرنا فنقول): بناء على ظهور هذا السنخ من النواهي في الارشاد (كما هو الظاهر) فدلالتها على الفساد واضحة سواء في ذلك العبادات والمعاملات، واما بناء على انكار ذلك وادعاء ظهورها في الحرمة المولوية فهل تلازم الحرمة للفساد أو لا تلازم أو يفصل بين العبادات والمعاملات؟ الظاهر هو التفصيل ففي العبادات تلازم الحرمة للفساد لاحتياجها إلى قصد القربة، والحرمة تلازم المبغوضية فيكون اتيان المحرم مصداقا للتمرد والعصيان ومبعدا عن ساحة المولى، والمبعد لا يكون مقربا وقد فصلنا ذلك في مبحث الاجتماع.
(واما في المعاملات) فلا تلازم الحرمة الفساد لعدم اشتراطها بالقربة وعدم التنافي بين المبغوضية وبين ان يتحقق مضامينها، والفرض عدم كون النهى أيضا ظاهرا في الارشاد إلى مانعية شئ لتحققها، فلا وجه لفسادها من غير فرق بين المعاملات بالمعنى الأخص وبين غيرها كالغسل والتطهير ونحو ذلك من الموضوعات الشرعية التي يترتب عليها آثارها قهرا وان صدرت مبغوضة.
* (تذنيبان) * (الأول) قد قسم الشيخ " قده " (على ما في تقريرات بحثه) النهى المتعلق بالعبادة إلى قسمين: الارشادي، والتحريمي المولوي، فقال بدلالة الأول على الفساد قطعا، ودلالة الثاني أيضا في الجملة. وقسم النهى المتعلق بالمعاملة إلى أربعة أقسام:
(أحدها) الارشادي، والثلاثة الاخر مولوية تحريمية، (فأولها) ان يتعلق النهى بالمعاملة