ابن أحمد بن الوليد - (رضي الله عنه) - في جامعه، وحدثنا به عن محمد بن الحسن الصفار عن العباس بن معروف قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي نجران عن حماد بن عثمان عن عبد الرحيم القصير قال كتبت على يدي عبد الملك بن أعين إلى أبي عبد الله (عليه السلام) جعلت فداك! اختلف الناس في أشياء قد كتبت بها إليك، فإن رأيت جعلني الله فداك أن تشرح لي جميع ما كتبت إليك، اختلف الناس جعلت فداك بالعراق في المعرفة والجحود، فأخبرني جعلت فداك أهما مخلوقان؟. واختلفوا في القرآن، فزعم قوم:
أن القرآن كلام الله غير مخلوق، وقال آخرون: كلام الله مخلوق. وعن الاستطاعة أقبل الفعل أم مع الفعل؟ فإن أصحابنا قد اختلفوا فيه ورووا فيه. وعن الله تبارك وتعالى هل يوصف بالصورة أو بالتخطيط؟ فإن رأيت جعلني الله فداك أن تكتب إلي بالمذهب الصحيح من التوحيد. وعن الحركات أهي مخلوقة أو غير مخلوقة؟ وعن الإيمان ما هو؟
فكتب (عليه السلام) على يدي عبد الملك بن أعين:
سألت عن المعرفة ما هي، فاعلم رحمك الله أن المعرفة من صنع الله عز وجل في القلب مخلوقة، والجحود صنع الله في القلب مخلوق، وليس للعباد فيهما من صنع، ولهم فيهما الاختيار من الاكتساب، فبشهوتهم للإيمان اختاروا المعرفة فكانوا بذلك مؤمنين عارفين، وبشهوتهم للكفر اختاروا الجحود فكانوا بذلك كافرين جاحدين ضلالا وذلك بتوفيق الله لهم وخذلان من خذله الله، فبالاختيار والاكتساب عاقبهم الله وأثابهم.
وسألت رحمك الله عن القرآن واختلاف الناس قبلكم، فإن القرآن كلام الله محدث غير مخلوق (1) غير أزلي مع الله تعالى ذكره وتعالى عن ذلك علوا كبيرا، كان الله عز وجل ولا شيء غير الله معروف ولا مجهول، كان عز وجل ولا متكلم ولا مريد ولا متحرك ولا فاعل جل وعز ربنا، فجميع هذه الصفات محدثة عند حدوث الفعل منه جل وعز ربنا، والقرآن كلام الله غير مخلوق، فيه خبر من كان قبلكم