آثارهما، وكجعل الله تعالى تحريك النفس الناطقة بعض قواها سببا لحضور بعض المفهومات عندها، وكجعل حضور بعضها سببا لفيضان النتيجة عليها، فعلم أن الفكر يرجع إلى تحريك النفس الناطقة بعض قواها حركة أينية. وإلى هذا يؤول كلام القدماء حيث فسروا الفكر والنظر بمجموع الحركتين.
ومن جملة تأثيراته تعالى: جعل بدن شخص مسخرا النفس شخصية دون غيرها، وتسليط الملك والشيطان على قلوبنا.
ومن جملة تأثيراته تعالى: جعل أشياء سببا لوجود اليقين في نفوسنا، وجعل أشياء سببا لوجود الظنون في نفوسنا الصحيحة منها والفاسدة.
ومن جملة تأثيراته تعالى: أنه نهانا عن اتباع الظن المتعلق بما جاء به النبي (صلى الله عليه وآله) من العقائد والأحكام الخمسة والأحكام الوضعية الشرعية، وأمرنا باتباع الظن في الجملة في غير ذلك، كخرص الأثمار على أصولها لضمان الزكاة، وقيم المتلفات، وأروش الجنايات، وتعيين جهة الكعبة، وعدد الأشواط والركعات؛ كل ذلك لدفع الفتن ولنظام المعاش والمعاد.
فإن قلت: كيف تأثير النفس الناطقة في البدن؟
قلت: يتحرك البدن بأمرها كما وقع التصريح به في الأحاديث (1).
فإن قلت: تحرك البدن بأمر النفس من قبيل ترتب المسببات على أسبابها الغير الطبيعية، فيكون حركة البدن الإرادية من صنع الله تعالى، أم من قبيل أن الله تعالى قال للنفس: كوني قادرة على خلق الحركة في البدن بأمر كن متحركا؟
قلت: المستفاد من الأحاديث الثاني. ويمكن تأويلها بأن أصل حركة البدن من صنع الله وتعيين جهاتها من صنع النفس.
فإن قلت: أمر النفس البدن من أي مقولة؟
قلت: عسى أن يكون من قبيل إيجاد كيف في البدن، نظير جعل المفهومات ملاحظة ملتفتا إليها، فإن كونها ملاحظة من مقولة الكيف.