وأقول: جوابه:
إن الوجه الثالث من الوجوه التي ذكرها المحقق مبني على مقدمة ظنية وعلى قياس أحكام الله تعالى على غيرها وكلاهما مردودان، ومن المعلوم أن العمل بالظن في نفس أحكام الله تعالى ينتهي إلى تخريب الدين وإلى تصحيح ما وقع من الحروب من المنافقين وأعداء الدين - كما تقدم في كلامنا - وأن العمل بالظن في غير أحكامه تعالى كتعيين جهة القبلة وعدد الركعات وقيم المتلفات وأروش الجنايات لا ينتهي إلى ذلك *.
والوجه الأول أيضا مردود، لأن خلاصته جارية فيمن كان في زمن الفترة واستفرغ وسعه وعمل بخلاف الشريعة، فإنه معذور كما تواترت به الأخبار عن الأئمة الأطهار (عليهم السلام) مع أنه عمل بخلاف الشريعة. والحل أن يقال: كونهم معذورين أعم من كون فعلهم مشروعا، لجواز أن يكون سبب كونهم معذورين غفلتهم عن بعض القواعد الشرعية.
وحاصل النقض والحل ان المعذورية قسمان:
قسم حاصل من تخلية الله تعالى جمعا من عباده كما في أهل الفترة، فإنه يكلفهم يوم القيامة لا في الدنيا، كما تواترت به الأخبار عن الأئمة الأطهار (عليهم السلام) (1).
____________________
* كأن المحقق - قدس الله روحه الزكية - نظر إلى ما عرض للمصنف من الشبهة والخيالات بلحظ الغيب، لأن كلامه (رحمه الله) يتضمن شبهة المصنف بعينها والجواب عنها بأوضح دليل. ولينظر المنصف في جواب المصنف كيف أعجزه الرد حتى ادعى ابتناءه على مقدمة ظنية وعلى قياس، وردهما بمجرد القول من غير دليل ولا بينة، وتمم الخطأ بإخراجه ما عدده من الأحكام من أحكام الله تعالى حتى لا يناسب قياس غيرها من أحكام الله عليها لأ نها غير أحكام الله، والفرض أن ذلك ليس بقياس، وإنما هو للاشتراك في الحكمة المجوزة لاعتماد الظن في ذلك عند تعذر العلم.