قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قلت للناس: أليس تزعمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان هو الحجة من الله تعالى على خلقه؟ قالوا: بلى، قلت: فحين مضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) من كان الحجة على خلقه؟ فقالوا: القرآن، فنظرت في القرآن فإذا هو يخاصم به المرجئ والقدري والزنديق الذي لا يؤمن به حتى يغلب الرجال بخصومته، فعرفت أن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم فما قال فيه من شيء كان حقا، فقلت لهم: من قيم القرآن؟ فقالوا: ابن مسعود قد كان يعلم وعمر يعلم وحذيفة يعلم، قلت: كله؟ قالوا: لا، فلم أجد أحدا يقال إنه يعرف ذلك كله إلا عليا (عليه السلام) وإذا كان الشيء بين القوم فقال هذا: لا أدري، وقال هذا: لا أدري، وقال هذا: لا أدري، وقال: أنا أدري، فأشهد أن عليا (عليه السلام) كان قيم القرآن وكانت طاعته مفترضة وكان الحجة على الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأن ما قال في القرآن فهو حق، فقال: رحمك الله (1).
وفي أواسط كتاب الروضة من الكافي: عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد ابن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن زيد الشحام قال: دخل قتادة بن دعامة على أبي جعفر (عليه السلام) فقال: يا قتادة إنك فقيه أهل البصرة؟ فقال: هكذا يزعمون، فقال أبو جعفر (عليه السلام): بلغني أنك تفسر القرآن؟ قال له قتادة: نعم، فقال له أبو جعفر (عليه السلام): فإن كنت تفسره بعلم فأنت أنت، وإن كنت إنما فسرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت، وإن كنت قد أخذته من الرجال فقد هلكت وأهلكت، ويحك يا قتادة! إنما يعرف القرآن من خوطب به (2). والحديث الشريف طويل نقلنا منه موضع الحاجة.
____________________
من كتاب أو سنة، ويعتقد أن ذلك صواب فأجابه (عليه السلام) بأن الصواب إذا حصل الاختلاف أن يرد استعلامه إلى من عنده علمه. وفي زمانهم (عليهم السلام) إمكان الرد إليهم ظاهر. وأما مع عدم الإمكان فاجتهاد المجتهد لا يخرج عن الرد إليهم أيضا، لأن مناط اجتهاده راجع إلى أصولهم وآثارهم، فلا وجه في الرواية يقتضي التصريح بما ادعاه المصنف.