بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نقضه، ولن تمسكوا به حتى تعرفوا الذي نبذه، ولن تتلوا الكتاب حق تلاوته حتى تعرفوا الذي حرفه، ولن تعرفوا الضلالة حتى تعرفوا الهدى، ولن تعرفوا التقوى حتى تعرفوا الذي تعدى، فإذا عرفتم ذلك عرفتم البدع والتكلف ورأيتم الفرية على الله ورسوله والتحريف لكتابه ورأيتم كيف هدى الله من هدى فلا يجهلنكم الذين لا يعلمون. إن علم القرآن ليس يعلم ما هو إلا من ذاق طعمه فعلم بالعلم جهله وبصر به عماه وسمع به صممه وأدرك به علم ما فات وحي به بعد إذ مات وأثبت عند الله عن ذكره الحسنات ومحى به السيئات وأدرك به رضوانا من الله تبارك وتعالى، فاطلبوا ذلك من عند أهله خاصة، فإنهم خاصة نور يستضاء بهم وأئمة يقتدى بهم، وهم عيش العلم وموت الجهل، هم الذين يخبركم حكمهم عن علمهم وصمتهم عن منطقهم وظاهرهم عن باطنهم لا يخالفون للدين ولا يختلفون فيه، فهو بينهم شاهد صادق وصامت ناطق، فهم من شأنهم شهداء بالحق ومخبر صادق لا يخالفون الحق ولا يختلفون فيه، قد خلت لهم من الله سابقة ومضى فيهم من الله عز وجل حكم صادق، وفي ذلك ذكرى للذاكرين، فاعقلوا الحق إذا سمعتموه عقل رعاية ولا تعقلوه عقل رواية، فإن رواة الكتاب كثير ورعاته قليل، والله المستعان (1).
وفي كتاب المحاسن - في باب أنزل الله في القرآن تبيانا لكل شيء - عنه، عن أبيه، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رسالة: وأما ما سألت من القرآن فذلك أيضا من خطراتك المتفاوتة المختلفة، لأن القرآن ليس على ما ذكرت وكل ما سمعت فمعناه غير ما ذهبت إليه، وإنما القرآن أمثال لقوم يعلمون دون غيرهم ولقوم يتلونه حق تلاوته وهم الذين يؤمنون به ويعرفونه، فأما غيرهم فما أشد استشكاله عليهم وأبعده من مذاهب قلوبهم! ولذلك قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إنه ليس شيء بأبعد من قلوب الرجال من تفسير القرآن " وفي ذلك تحير الخلائق أجمعون إلا من شاء الله، وإنما أراد الله بتعميته في ذلك أن ينتهوا إلى بابه وصراطه، وأن يعبدوه وينتهوا في