وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (ونبلوكم بالشر والخير فتنة) قال: نبتليكم بالشدة والرخاء، والصحة والسقم، والغنى والفقر، والحلال والحرام، والطاعة والمعصية والهدى والضلالة.
سورة الأنبياء الآية (36 - 43) قوله (وإذا رآك الذين كفروا) يعني المستهزئين من المشركين (إن يتخذونك إلا هزؤا) أي ما يتخذونك إلا مهزوءا بك، والهزؤ السخرية، وهؤلاء هم الذين قال الله فيهم - إنا كفيناك المستهزئين - والمعنى: ما يفعلون بك إلا اتخذوك هزؤا (أهذا الذي يذكر آلهتكم) هو على تقدير القول: أي يقولون أهذا الذي، فعلى هذا هو جواب إذا، ويكون قوله (إن يتخذونك إلا هزؤا) اعتراضا بين الشرط وجوابه، ومعنى يذكرها يعيبها. قال الزجاج: يقال فلان يذكر الناس: أي يغتابهم، ويذكرهم بالعيوب، وفلان يذكر الله: أي يصفه بالتعظيم ويثني عليه، وإنما يحذف مع الذكر ما عقل معناه، وعلى ما قالوا لا يكون الذكر في كلام العرب العيب، وحيث يراد به العيب يحذف منه السوء، قيل ومن هذا قول عنترة:
لا تذكري مهري وما أطعمته * فيكون جلدك مثل جلد الأجرب أي لا تعيبي مهري، وجملة (وهم بذكر الرحمن هم كافرون) في محل نصب على الحال: أي وهم بالقرآن كافرون، أو هم بذكر الرحمن الذي خلقهم كافرون، والمعنى: أنهم يعيبون على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يذكر آلهتهم التي لا تضر ولا تنفع بالسوء: والحال أنهم بذكر الله سبحانه بما يليق به من التوحيد، أو القرآن كافرون، فهم أحق بالعيب لهم والإنكار عليهم، فالضمير الأول مبتدأ خبره كافرون، وبذكر متعلق بالخبر، والضمير الثاني تأكيد (خلق الإنسان من عجل) أي جعل لفرط استعجاله كأنه مخلوق من العجل. قال الفراء:
كأنه يقول بنيته وخلقته من العجلة وعلى العجلة. وقال الزجاج: خوطبت العرب بما تعقل، والعرب تقول للذي يكثر منه الشئ خلقت منه كما تقول: أنت من لعب، وخلقت من لعب، تريد المبالغة في وصفه بذلك. ويدل على هذا المعنى قوله - وكان الإنسان عجولا - والمراد بالإنسان الجنس. وقيل المراد بالإنسان آدم، فإنه لما خلقه