قائلون بجواز الوطئ فلم يصرح بالمنع والتحريم، كما استفاضت به أخبار المسألة، وعدل إلى هذا الجواب المعمى، وجعل التحريم والمنع على جهة الاحتياط لتعارض الآيتين المتقدمتين، وأنت خبير بأنه بالنظر إلى ما سردناه من الأخبار يجب تخصيص آية " الملك " بآية " وأولات الأحمال " لاستفاضة الأخبار واتفاقها كما عرفت على التحريم، وإنما اختلفت في الغاية.
وبالجملة فالقول بالتحريم مما لا يعتريه شبهة الاشكال في هذا المجال، وإنما الكلام في الغاية، من أنها الوضع، أو مضي الأشهر المذكورة، والأول أظهر دليلا لتأيد أخباره بالآية المشار إليها في صحيح رفاعة، وهي آية " وأولات الأحمال " فإن ظاهر الخبر عمومها للحرة والأمة، واحتمال آية غيرها في الخبر بعيد، والتي صرح به جملة من الأصحاب في معنى الخبر المذكور إنما هو هذه الآية، وتأيده كذا أيضا بالأخبار المطلقة، وهي جل الأخبار المسألة، والجمع بين الأخبار بالكراهة وإن اشتهر بين أصحابنا (رضوان الله عليهم) إلا أنك قد عرفت ما فيه في غير موضع مما تقدم وكيف كان فالاحتياط يقتضي الوقوف على جعل الغاية وضع الحمل، كما ذكره العلامة في المختلف وإن خصه بالحمل من غير الزنا.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن من الأصحاب من جمع بين الأخبار بحمل النهي المغيى بالوضع على الحامل من حل أو شبهة أو مجهولا، والمغيا بالأربعة الأشهر والعشرة على الحامل من الزنا، ومنهم من ألحق المجهول بالزنا في هذه، ومنهم من أسقط اعتبار الزنا، وجعل التحريم بالغايتين لغيره.
أقول: والأول من هذه الوجوه هو ظاهر العلامة في المختلف، إلا أنه حمل النهي في هذه الصورة على الكراهة، لما اشتهر في كلامهم من أن ماء الزنا لا حرمة له شرعا (1) قال في المسالك: نعم ينبغي في الحمل من الزنا لأن المعهود من الشارع