حمل رواية الأشهر على الزنا، وأن النهي فيها على جهة الكراهة، وسيأتي انشاء الله تعالى ما فيه. والمحقق وتبعه أخذوا بظاهر الروايات المذكورة، وحكموا بالتحريم قبل مضي الأربعة الأشهر، لاتفاق الأخبار على ذلك، وإنما اختلفت فيما بعد المدة المذكورة، من كون الغاية هي المدة المذكورة أو وضع الحمل، فجمعوا بينها بحمل النهي فيما زاد على المدة المذكورة على الكراهة.
قال في المسالك: والمصنف رحمة الله عليه أطلق الحكم بالتحريم قبل الأربعة والعشرة، والكراهة بعدها وهو أوضح وجوه الجمع أما الاطلاق بحيث يشمل الجميع، فلاطلاق النص الشامل لها، وأما الحكم بالتحريم قبل المدة المذكورة فلاتفاق الأخبار أجمع عليه، والأصل في النهي التحريم، وأما بعدها فقد تعارضت الأخبار، فيجب الجمع بينها وحمل النهي حينئذ على الكراهة لتصريح بعضها بنفي البأس طريق واضح في ذلك. انتهى.
وأما ما ذكره ابن إدريس ونقله عن الشيخ في الخلاف من القول بالكراهة فلا أعرف له وجها بعد ما عرفت من هذه الأخبار التي ذكرناها، وما ذكره من الاستدلال بالآية، وأن تخصيصها يحتاج إلى دليل، فالدليل كما عرفت واضح، ومناره لايح، وأي دليل يراد بعد هذه الأخبار المستفيضة الصريحة في التحريم المتفقة عليه، وإنما اختلفت بالنسبة إلى غايته من أنها الوضع، أو مضي الأشهر المذكورة كما سمعت، ولكنه لعدم مراجعته الأخبار حق المراجعة معذور فيما ذكره، وإن كان غير معذور شرعا.
والذي يقرب عندي من صحيحة رفاعة بن موسى الأولى وعدم جواب أبيه (عليه السلام) صريحا بعد سؤال السائل عن الأمة الحبلى، وعدوله في الجواب إلى ما ذكره، أن هذه التعمية إنما خرجت مخرج التقية، والظاهر أن المخالفين