المتأخرين ثبوته، واعترف جمع من المتأخرين بأنهم لم يقفوا في النصوص على نص عليه بالخصوص، وإنما ورد في تلقي الركبان تخيرهم إذا غبنوا.
واستدلوا عليه أيضا بحديث الضرار (1)، وما ذكروه من حديث الغبن في تلقي الركبان لم أقف عليه في كتب الأخبار، ولا في كتب الفروع أيضا ويمكن أن يستدل عليه بما رواه في الكافي (2) عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) " قال: غبن المسترسل سحت ".
وعن ميسر (3) عن أبي عبد الله (عليه السلام) " قال: غبن المؤمن حرام " وفي رواية " لا يغبن المسترسل فإن غبنه لا يحل ".
قال في كتاب مجمع البحرين: والاسترسال: الاستيناس، والطمأنينة إلى الانسان والثقة به فيما يحدثه وأصله السكون والثبات، ومنه الحديث أيما مسلم استرسل إلى مسلم فغبنه فهو كذا، ومنه غبن المسترسل سحت، انتهى، وظاهره وجود حديث رابع زائد على ما نقلناه.
وبالجملة فهذه الأخبار وإن كانت مطلقة إلا أنها دالة باطلاقها على ما نحن فيه من تحريم الغبن في البيع والمنع منه، وحينئذ فيثبت لصاحبه الخيار.
وكيف كان فثبوته عند الأصحاب مشروط بأمرين كما تقدمت الإشارة إليه.
أحدهما جهالة المغبون بالقيمة وقت العقد، فلو عرف القيمة ثم زاد أو نقص مع علمه، أو تجددت الزيادة أو النقيصة بعد العقد فلا غبن والأخيار اجماعا، كما نقله المسالك.
ثانيهما أن يكون الغبن الذي هو عبارة عن الزيادة والنقيصة فاحشا لا يتسامح بمثله عادة، مثل أن يبيع ما يساوي مئة: بخمسين ونحوها فلو كان يسيرا