وينبغي القول بالصحة مطلقا إذا تقابضا قبل التفرق، وغاية ما يحصل في البيع الثاني أن يكون فضوليا، فإذا لحقه القبض صح، وسيأتي أن بيع الدين بالدين على هذا الوجه غير ممتنع. انتهى.
الرابع لو كان له عليه دراهم فاشترى بها دنانير صح وإن لم يتقابضا، وكذا لو كان له عليه دنانير فاشترى بها دراهم، لأن النقدين من جنس واحد، وما في الذمة بمنزلة المقبوض، فلا يحتاج إلى تقابض زايد على ذلك.
أقول: والأصل في هذه المسألة ما رواه المشايخ الثلاثة (عطر الله مراقدهم) في الصحيح عن إسحاق بن عمار (1) قال: " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) يكون للرجل عندي الدراهم الوضح فيلقا في فيقول لي: كيف سعر الوضح اليوم؟ فأقول له: كذا وكذا، فيقول لي: أليس عندك لي كذا وكذا ألف درهم وضحا؟
فأقول: نعم، فيقول: حولها إلى دنانير بهذا السعر وأثبتها لي عندك فما ترى في هذا؟
فقال لي: إذا كنت قد استقصيت له السعر يومئذ فلا بأس بذلك، فقلت: إني لم أوازنه ولم أناقده، إنما كان كلاما بيني وبينه، فقال: أليس الدراهم من عندك والدنانير من عندك، فقلت: بلى، قال: لا بأس بذلك ".
ونحوه موثق عبيد بن زرارة " قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يكون لي عنده دراهم فآتيه فأقول: حولها لي دراهم وأثبتها عندك ولم أقبض منه شيئا؟ قال: لا بأس ".
وجمع من الأصحاب عبروا في هذا المقام بعبارة الخبر، قال في النهاية:
إذا كان للانسان على صيرفي دراهم أو دنانير فيقول له حول الدنانير إلى الدراهم، أو الدراهم إلى الدنانير، وساعره على ذلك كان جائزا وإن لم يوازنه في الحال ولا يناقده، لأن النقدين من عنده.