فهي أيضا مقبوضة له، وحينئذ يكون كل المال المنتقل إلى الآخر مقبوضا له، والظاهر صحة البيع وعدم الاحتياج إلى التوكيل للتعيين والقبض، ولا إلى مضي زمان، لصدق القبض المفهوم من الأخبار التي هي دليل الحكم، لأنه يصدق أنه باع يدا بيد، والمبيع والمشتري مقبوض لهما، وأنه أخذا قبل التفرق، وهو ظاهر من غير فرق بين المتجانسين المتساويين والمختلفين مطلقا، إلا أنه يجئ فيه الاشكال من جهة أنه بيع دين بدين، والظاهر عدم جوازه. انتهى.
أقول: ظاهر هذا الكلام أن قائله قد غفل عن ملاحظة الخبرين المتقدمتين في المسألة، وظن أن هذا الحكم إنما وقع في كلام الأصحاب، ولهذا تأوله بقوله ويمكن أن يكون المراد إلى آخره، وأن هذا الفرض إنما يجري في عبارة المصنف المذكورة لا في الأخبار، لأنها صريحة في كون الثمن والمثمن أنما هو عند الذي عليه الطلب، ويؤيده ما قلناه أنه في جميع الأحكام يبالغ في تتبع الأخبار ونقلها و ايرادها من مؤالف ومخالف، هنا لم يتعرض للخبرين المذكورين بالكلية، ولو بالإشارة، وإنما تكلم على عبارة المصنف كي يبين مراده أولا، ثم ناقشه بمناقشة ابن إدريس للشيخ، مع أن المصنف وغيره إنما أخذوا الحكم المذكور من الخبرين، ولكنهم عبروا بهذه العبارة لصراحتها في البيع والشراء، بخلاف لفظ التحويل الذي في الخبرين، وحينئذ فالعذر له ظاهر، وإلا فلو أنه اطلع على الخبرين ومع هذا عدل عن القول بما دلا عليه، لأجاب عنهما وتأولهما كما هي عادته وقاعدته، وبالجملة فإن كلامه هنا بالنظر إلى الخبرين مما لا يلتفت إليه، ولا يعرج عليه، والله العالم.
المسألة الثانية قالوا: إذا اتحدت الجنس وجب التساوي قدرا وإن اختلفا في الجودة والرداءة والصفة، وإذا اختلفا فيه جاز الاختلاف زيادة ونقصانا.
أقول: أما وجوب التساوي مع الاتحاد فلما استفاضت به الأخبار من أن الزيادة مع الاتحاد رباء محض كصحيحة الحلبي (1) عن أبي عبد الله (عليه السلام)