هذا حيث لا يكون المتنازع معينا، وإلا فالحكم التحالف، كما لو قال البايع:
بعتك هذا الثوب، وقال المشتري: بل هذين الثوبين، مشيرا إلى غير ذلك الثوب المعين، فإنه يتعين القول بالتحالف، لعدم الاتفاق على شئ.
وكذا أيضا يجب تقييد أصل المسألة بما إذا لم يختلفا في الثمن على كل من التقديرين، لأنه حينئذ يمكن الأخذ بالمشترك بين كلاميهما، بخلاف ما لو قال:
بعتك هذا بألف، فقال: بل هذا وهذا بألفين، فلأنه لا مشترك بين كلاميهما يمكن الأخذ به، فلا بد من التحالف كما ذكره في التذكرة.
واعلم أن ضابط التحالف المقطوع به في كلامهم ادعاء كل منهما على صاحبه ما ينفيه الآخر، بحيث لا يتفقان على أمر كما هنا، ومثله ما لو اختلفا في الثمن المعين، أو فيهما معا، ومثله ما لو ادعا أحدهما البيع، والآخر الصلح.
ولو اتفقا على أمر واحد واختلفا في وصف زايد أو قدر بحيث كانت الدعوى من طرف واحد، كما في المواضع التي قدمناها حلف المنكر، وأما من أجرى التحالف في مثل تلك المواضع فقد عرفت بطلانه، لخروجه عن الضابطة المذكورة، وكما يجري ذلك في البيع فكذا في الصلح والإجارة ونحوهما.
بقي هنا شئ ينبغي التنبيه عليه، وهو أنه إذا ادعى البايع: أني بعتك هذا الثوب، فقال المشتري: بل هذا إشارة إلى ثوب آخر، فإن الحكم كما عرفت التحالف، وبطلان البيع، فإذا حلف البايع على نفي ما يدعيه المشتري بقي الثوب على ملكه، فإن كان في يده، وإلا انتزعه من يد المشتري، وإذا حلف المشتري على نفي ما يدعيه البايع، وكان الثوب في يده لم يكن للبايع مطالبته به، لأنه لا يدعيه، وإن كان في يد البايع لم يكن له التصرف فيه، لأنه معترف بأنه للمشتري، وله ثمنه في ذمته، فإن كان البايع قد قبض الثمن رده على المشتري، ويأخذ الثوب قصاصا، وإن لم يكن قبضه أخذ الثوب قصاصا أيضا بذلك الثمن، ولو زاد فهو مال لا يدعيه أحد، كذا فصله العلامة في التذكرة.