اعلم: أن الماء في عالم الأرض متكثر حسب الظروف المختلفة، من البحار والأنهار إلى مياه الظروف، وتلك الكثرة تضمحل وتفنى بزوال تلك الظروف والأواني، وبفناء تلك الحوائل والحواجز، ولا شبهة في أن كل واحد من المياه المحدودة ناقص، ويكون النقص من قبل الأواني والظروف، وإلا فلا نقص حقيقة في نفس المياه، كما لا كثرة فيها كذلك، فإذا يجب رفض هذه القشور والجلابيب عن كل واحد من تلك المياه بالجد والاجتهاد، حتى يحصل لهم الوحدة الكاملة، ويرجعون إلى أصلهم، بطرح الثياب السود وطرد الحدود والقيود، فمن يتوهم الوحدة الذاتية للوجود يعتبر العناوين أسباب الكثرة، ويلزم على المحدود مع حفظ الحدود للعبادة والثناء، حتى يتخلص من تلك القشور والثياب السيئة المحدودة، فيكون الأمر من الأصل محمولا على ذلك.
وغير خفي: أن المثال مقرب من جهة مبعد من جهات، ولا ينال قلب الأوحدي من هذه التنظيرات إلا لبها ومخها، وقلب الفاسق يتوجه من هذه التمثيلات إلى قشرها ومواضع المناقشة فيها، والله يهدي إلى دار الثواب ومحل الرشاد.
فعبادته تعالى والاستعانة منه تبارك وتقدس، لا تنافي تلك المقالة.
عصمنا الله من الزلل، وآمننا من الفتن، وطهرنا من الدنس. اللهم أذهب عنا الرجس وطهرنا تطهيرا.
وأيضا غير خفي: أن الكثرة السارية إلى طبيعة الماء، حصلت من الحواجز والظروف التي تكون طبيعة الماء فيها، ككون الشئ في المحل، وأما الكثرة الجارية في طبيعة الوجود وحقيقته، فهي ليست