أنزله الله، والإيقان بالآخرة، ويكون هؤلاء على هدى من ربهم، فدل هؤلاء على أن تلبسهم بهذه الصفات الكريمة وبهداية منه تعالى، حيث يقول:
* (أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون) * ثم وصف الكتاب بأنه هدى بهداية المتقين بقوله: * (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) *، فيعلم من ذلك أن المتقين محفوفون بهدايتين، والهداية الثانية مرادة من قوله تعالى: * (هدى للمتقين) *، كما أن الآيات الآتية تفيد: أن الكفار والمنافقين بين الضلالين والعمايتين، حيث يقول: * (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة) *، ويقول: * (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا) * (1).
أقول: والإنصاف: أنه خلاف التحقيق، كما عرفت منا، فإن توضيح أوصاف المتقين بإقامة الصلاة والإيقان بالآخرة لا ينافي كون الآية ترغيبا في رفض الكفر والنفاق، والاندراج في سلك المتقين، وتوضيح الكتاب أوصاف المتقين لا يضر بالاستخراج المذكور. وهذا نظير ما إذا قيل: هذه الدناير للعلماء، فإن في ذلك تحريكا إلى كسب العلم والاندراج في مسلكهم بنحو أبلغ وأحسن.