الله، فإما يصل إلى عشقه ومناه، أو يموت في طريق عشقه وأمنيته، وعلى كل حال هو الفائز بالدرجة العليا، والنائل لأعلى عليين في الدار الآخرة والعقبى. والله المعين على ما يصفون.
ثم اعلم يا صديقي ويا نور عيني: أن ذلك الكتاب فيه هدى، فعليك الجد والاجتهاد في أن تكون هدى، ولا تكتفي بكونك هاديا، ولا تقنع بأن يهتدي بهديك الآخرون، فضلا عن القناعة بأن يكون الإنسان خارجا عن زمرة الضالين والمضلين، فاسع سعيك وجد جدك في طريقك المثلى ونهجك المقرر حتى تصل إلى هذه المرتبة العليا، ولا يكون ذلك، ولا يناله أحد، وما ناله الأصفياء إلا بالارتياضات النفسانية والتدبر والتفكر، والاقتداء بالصالحين، وباتباع الأولياء المقربين المنتشرين في البلاد والقرى، فسيروا في الأرض فانظروا إلى آثار رحمة الله، فإن لله في أيام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها (1)، فهذا الكتاب الإلهي جاء لأن يعلم الناس ما يصيرون به مثالا له، فلا يكون فيه ريب، ويكون هدى من الضلالات في جميع النشآت، فتخلقوا بأخلاق الله حتى يتمشى لكم ما تمشى له من المشية المطلقة، فإن الإنسان هو الصورة الجامعة الإلهية، كما عرفت في الحديث الشريف، وحتى يصح فيكم أنه * (لا ريب فيه هدى للمتقين) * من الضلالات بأقسام الهدايات وأنواعها الممكنة.
ثم يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر فأوف لنا الكيل، ويا أيها الحجة الباقية القائمة أعنا على ذلك كله حتى ندرج في زمرة المتقين،