ومؤلف " التهذيب " ظن أنه هذب اللغة بالتفصيل المزبور غفلة عن الحال جدا، ويأتي زيادة تحقيق حول كلمة " التقوى " في محله إن شاء الله تعالى.
وعلى كل تقدير: المتقين جمع المتقي، وهو المفتعل، والموتقيين باليائين المفتعلين، ومن الحذف والإدغام وسقوط إحدى اليائين صار المتقي والمتقين، والمعنى حسب اللغة واضح.
وربما يتخيل له حقيقة شرعية وظهور ثان في الاتقاء عما حرم الله واحتمل حرمته، وهو في غير محله.
والافتعال هنا: إما بمعنى الاتخاذ، أو بمجرد الفعل، فيكون كابتسم، وهو من المعاني الاثني عشر التي جاءت لها افتعل: وهي الاتخاذ، والتسبب، وفعل الفاعل بنفسه، والتحير، والخطفة، ومطاوعه افعل وفعل، وموافقه تفاعل وتفعل واستفعل، والمجرد والإغناء عنه، ومثال الكل: أطبخ، واعتقل، واضطرب، وانتخب واستلب، وانتصف مطاوع أنصف، واغتم مطاوع غممته، واجتور وابتسم واعتصم واقتدر واستلم الحجر (1). انتهى ما أفاده أبو حيان.
ولنا فيه أنظار لا يسعها المقام، وإجماله: أن كثيرا من هذه المعاني ترجع إلى معنى واحد، واختلاف الدواعي وخصوصيات موارد الاستعمال لحقت بالموضوع له، فتوهموا أن الموضوع له كثير، وهو ممنوع جدا.
ومن العجب أنه لم يتعرض لافتعل المبالغة كاكتسب، ومن القوي كون المتقين هنا للمبالغة.