واختلفوا في تذكيره وتأنيثه، والأشبه هو الأول - وقال الفراء: إن بني أسد يؤنثونه، يقولون: هذه هدى حسنة - وهو مختار اللحياني (1).
ويكفي ردا عليهم: أنها استعملها القرآن مذكرا في المواضع غير العزيزة: * (قل إن هدى الله هو الهدى) * (2)، * (ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده) * (3)، وفي كونه حالا للمذكر أو خبرا له أيضا شهادة على تذكيره، فراجع. نعم يجوز لنا اختيار الوجهين فيه جمعا بين الشواهد، فتأمل.
قال ابن سيده: الهدى اسم من أسماء النهار، لأن الناس يهتدون فيه لمعايشهم وجمع مأربهم، ومنه قول ابن مقبل:
حتى استبنت الهدى والبيد هاجمة * يخشعن في الآل غلفا أو يصلينا (4) وقيل: هذا البيت ساقط في جميع الأصول والزيادة، من " اللسان " في مادة " هدى "، ومن " البحر المحيط " لأبي حيان في المقام. والأمر واضح، فإن إطلاق " الهدى " على النهار كإطلاقه على القرآن أو التوراة والإنجيل، وكإطلاق النور عليها، ونظير إطلاقه على أمير المؤمنين (عليه السلام)، وعلى الإنسان الكامل، فإنه لا يوجب كون اللفظ ذا معان كثيرة، وأما كونه حقيقة أو نوع مجاز، ففيه خلاف مضى تفصيله في البحوث السابقة.