الكامل الإلهي الواصل من الغيب، وإلا فلا، وحيث قد عرفت وحدة الصراط تبين وحدة الإنسان الكامل الواصل، وإذ تبين أن هذه الجادة التكوينية واحدة، فالصراط التشريعي واحد أيضا.
وإذا تأملت فيما أسمعناك وأسلفنا لك، فمن كانت طبيعته المخمورة تحت نظارة الإنسان الكامل، المربي لجميع الطبائع، والمتصدي من قبل الحق لتربية جميع السلاك، والمتطريقين، وكان تحت عناية يد الله المبسوطة على كل شئ، مع المحافظة على جميع أنواع الزاد والراحلة المعتبرة في هذا التطرق والسلوك، من الأنظار والأفكار السليمة، ومن الأخلاق والصفات الحسنة ومن الأفعال والأقوال الشرعية الممدوحة، وعلى جميع شرائطه الكمالية بالرياضات النفسانية والمحاسبات العقلانية، في مأكله ومشربه ومشيه وملبسه ومعاشراته الانفرادية والاجتماعية، وأن يتعظ من الله تعالى: * (قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى) * (1)، فإذا تحصلت في سفرته هذه اللوازم السفرية، وتلك الزادات الأخروية، وطلعت عليه شمس الحقيقة، ونبتت بذورها المزروعة وفطرته المخمورة تصل إلى معدن العظمة، وتصير أرواحنا معلقة بعز قدسه.
فالصراط المستقيم الحقيقي هو الطريق المشفوع بالشرائع وشرائطه الكمالية، وهو التكوين المقارن مع الشرع والباطن المحافظ عليه الظاهر، فإنه إذا حافظ على الفعلين الباطني والظاهري، يتمكن من