وأما الهداية التكوينية إلى كمال الوجود وجماله: فهي في نظر حاصلة لكل أحد، وفي نظر حاصلة لطائفة خاصة:
وأما النظر الأول: فهو أن كل موجود في النظام الأتم الإلهي - بالقياس إلى ذلك النظام - مهتد إلى ما هو لازم النظام الكلي، فلا ضلالة في هذه المرحلة وهذه النظرة.
وأما النظر الثاني: فهو أن الأشياء - بحسب الحالات الفردية والشخصية - مختلفة الأفق ومتفاوتة الدرجات والسبل، ومتشتتة المسالك والطرق، فمنها ما يصل إلى الغاية المقصودة، فهو المهتدي إليها، ومنها مالا يصل إليها، فهو الضال عنها. وهذا أمر عمومي كلي داخل في عمومه جميع الحقائق الوجودية من قذها إلى قذيذها مما يترقب له الكمال بعد النقص، دون الموجودات الأمرية التي لا ترقب لها ولا ترقي فيها، ولا خروج لها من الظلمات إلى النور.
فعلى هذا فهل المطلوب في قولنا: * (إهدنا الصراط المستقيم) * هي الهداية التشريعية إلى الإسلام والإيمان بالإقرار باللسان مثلا، أو هي الهداية التكوينية بالوصول إلى غاية المأمول ونهاية المسؤول، والدخول في دار الله الموجب للبقاء ببقاء الله، المورث للالتذاذات الروحانية وللتكيفات المعنوية التي لا تدركه العقول البشرية، أم هي جميع أنحاء الهدايات، حتى يكون الصراط المستقيم بناء على ذلك - أيضا - مختلفا بحسب المصاديق، ضرورة أن الصراط المستقيم في الهداية التشريعية غيره في الهداية التكوينية.
إذا عرفت وأحطت إجمالا بما في هذه السطور تأتي الشبهة: وهي أن من