* (فاعبدوا ربكم) * (1) هو هؤلاء المعصومون (عليهم السلام) الكمل، لا يجوز لمتوطن في دار الوحشة والظلمة أن يتوجه إلا مع الواسطة، فلابد وأن يعرف الإمام والإمامة، والصراط المستقيم الذي به يتمكن بعد ذلك أن يصل إلى دار الحقيقة، كما فسر في بعض الأخبار بأنه الإمام ومعرفته (2).
فعلى هذا إذا كان يستدعي السالك العابد من الله تعالى الهداية إلى معرفة الإمام وإلى الصراط المستقيم الذي هو الإمام بوجوده الواقعي، فيتمثل في نفسه في الابتداء صورته، ويحصل في قلب السالك دقيقته، وقد مر منا سابقا (3): أن أشرنا إلى أن المخاطب في قوله: * (إياك نعبد) *، لا يكون إلا العناوين الفانية في الذات والمفاهيم المشيرة إلى الخارج، وتلك الحقائق أولى بجعلها فانية ورسما، لأنهم في الإعراب عن تلك الحقيقة البيضاء أقوى وأتم بالبداهية والضرورة، فيكون قوله بعد ذلك:
* (إهدنا الصراط المستقيم) * بداعي البعث إلى البقاء على تلك الحالة الثابتة له، التي هي الصراط المستقيم حسب ظرفية وجوده واقتضاء استعداده، ولعل ما ورد في بعض الكتب بعنوان الرواية: " واجعل واحدا من المعصومين (عليهم السلام) نصب عينيك " (4) يشير إلى هذه الومضة. وهذا غير ما تخيله أرباب الصوفية الباطلون من تمثيل صورة الشيخ الفاسد العاطل.