السبل والصرط التكوينية، ليست الجادة بالنسبة لهم موجودة بالفعل، بل الجادة توجد تدريجيا وآنا فآنا، حسب الحركة الكمالية الطبيعية الثابتة لهم، فيكون الخط والصراط موهوما امتداديا، لا واقعيا وحقيقيا، وهذا خلاف الظاهر من الآية الكريمة.
أقول: قد تقرر منا في " قواعدنا الحكمية "، وأشرنا إليه هنا في البحث الماضي: أن في كل عصر وزمان من الأزمنة المادية، وفي كل آن من الآنات في هذه النشآت، لابد من وجود الإنسان الأعظم الكامل الواصل إلى منتهى السير، المخرج للطبائع الظلمانية من الظلمات إلى النور، والمحرك للحقائق المشفوعة بالمواد من النقص إلى الكمال اللائق بها، وهذا هو الموجود المعروف في شريعتنا بإمام الزمان والمنتظر المهدي - عجل الله تعالى فرجه - فهو إمام الزمان، لا زمان خاص، وهو المهدي على الإطلاق، أي الواصل إلى منتهى السير، البالغ نهاية الكمال، الباقي ببقاء الله تعالى بعد الفناء في الله، وهو الصراط المستقيم الموجود بالفعل التكويني، وهو من الذين أنعم الله عليهم بمثل ذلك، أي بهدايتهم التكوينية الكلية المطلقة، ويجعلهم الصراط التكويني، الذي هو الجسر الممدود على الطبائع الدنيوية والبرزخية والعقبوية.
وهذا الموجود وهذا الصراط لا يعقل أن يتكثر، لأن المنتهى واحد شخصي، والمبدأ واحد شخصي، فالصراط واحد شخصي، أما شخصية منتهى السير - وهو الله تعالى - فهي ذاتية واحدة، وأما شخصية مبدئه - وهي