بنحو العام المجموعي يستكشف - أيضا - وحدة الطريق والصراط المستقيم، وأن المطلوب هي هداية البشر إلى الصراط المستقيم، ومن كونه طلبا - إما على سبيل العام الاستغراقي، أو على سبيل العام المجموعي - للهداية إلى الصراط المستقيم، الممدود من مبدأ المادة والهيولي إلى المبدأ الأعلى والوجود، يستكشف أن جميع أفراد هذا النوع، قابل للسير وللاستكمال وللوصول إلى الغاية القصوى، فيعلم منه وجود تلك القابلية في كل واحد منهم، وأن الاستعداد لا يموت، وإلا يلزم طلب المحال والمستحيل، وهو غير صحيح ولو كان محاله بالغير.
فعلى هذا كل إنسان وإن احتجب بالحجب الطبيعية والإرادية، وكل فرد منه إذا خرج من الفطرة السليمة والمخمورة، ودخل في الظلمة والفطرة المحجوبة، لا يمتنع عليه الوصول امتناعا بالغير أيضا، بل فيه أيضا استعداد الوصول إلى نهاية المأمول موجود * (فطرة الله التي فطر الناس عليها) * (1)، فإنه معناه ثبوت هذه القابلية فيهم كلا.
وأما قوله: " كل مولود يولد على الفطرة إلا أن أبويه، يهودانه أو ينصرانه " (2) فهو إما ناظر إلى أن البطلان يجئ من قبل الغير الفاسد، أو أن حجاب الفطرة من قبل الأبوين، ولكنها محفوظة الذات تحت ذلك الحجاب.