الهيولي - فهو المبرهن في محله (1)، وأن تكثرها بصور حالة فيها، ولازم ذلك بعد التوصيف بالاستقامة كونه واحدا بالشخص.
ولأجل ذلك لم يجمع " الصراط " على " الصرط " في الكتاب الإلهي، ولا يستفاد منه أن الصراط كثير وأما السبل فهي كثيرة حسب ما في الكتاب، كما سيظهر تحقيقه.
وبعبارة أخرى: الجادة الأصلية الكلية واحدة، والسبل والطرق المتفرعة على تلك الجادة كثيرة، ولكنها تنتهي إليها، وإلى جميع هذه الدقائق والرقائق يشير الكتاب الإلهي في (سورة المائدة: آية 16) * (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم) *.
فبالجملة: مقتضى إطلاق الكتاب، أن الصراط أعم من التكويني والتشريعي، ومقتضى ظهوره أن الصراط المستقيم موجود بالفعل، ونتيجة ذلك: وجود الصراط المستقيم التكويني بالفعل، ومقتضى أن الصراط لابد وأن ينتهي إلى أمر، أن المطلوب هو الصراط المستقيم المنتهي إلى شئ آخر وراءه، فيثبت بذلك وجود الموجود الكامل بالفعل، المقارن للمادة المشفوع بأحكامها، المخرج من النقص إلى الكمال ومن الظلمة إلى النور في جميع أطوار الوجود، وفي أنحاء الطرق الفرعية والسبل الجزئية، فكل شريعة اعترفت بمثله، فهي الشريعة الغراء والدين