وبعبارة أخرى: الهداية التكوينية كانت حاصلة، وبعد ذلك يقول:
" اهدنا "، وليس هذا إلا لأجل أن هذا هو المعد إلى اشتداد هدايته وتقويتها، وتزداد كلما دعا، لأن في ذلك تذكر الهداية والتوجه إلى مبدئها.
وبالجملة: لا شبهة في رجحان الدعاء، وفي ورود الأمر به في الكتاب والسنة، ولابد من الدفاع عنه وحل معضلاته:
ومن أهم تلك المعاضل: أن الدعاء الواقعي يستتبع حدوث الداعي في المدعو منه، ويستلزم حدوث الإرادة وتغييرا في تلك الصفة المستتبعة للتغيير في الذات، وهذا من الواضحات مفاسده ومن المستبين أمره وبطلانه.
وإن شئت قلت: الدعاء يورث انقلاب الحال، وهو يلازم الإمكان الاستعدادي الملازم للمادة، فيلزم شر التراكيب في حق المسؤول والمدعو منه، وكل ذلك سيئة من سيئات النفس والعلم، لابد من حلها وبيانها في المقام المناسب لها إن شاء الله تعالى.
ومن العجيب: أن صدر المتألهين وصاحب " الحكمة المتعالية " التزم: بأن هناك ملكا تصدى لذلك، والالتزام بالبداء في حقه وبالتغير في حاله من الممكن (1)، ضرورة أن الملك الروحاني غير حامل للمادة الحاملة للإمكان، القابل للانقلاب والاستحالة.
وكان ينبغي أن يشير إلى أن من يستجيب الدعوات هي القدرة الإلهية، الملازمة مع المادة الدائمة، وهو الولي المطلق، المحتاج