والسائر فيه الصور الكمالية من النازلة إلى العالية، ومن المادة والنطفة إلى الصور والصورة الكلية الإنسانية، الجامعة لجميع الشتات والكمالات.
فمن اعتبار الصراط يثبت التدرج من النقص إلى الكمال ومن الضلالة إلى الهداية. نعم إذا كانت الهداية تشريعية، فيكون المراد التدرج والخروج من اللاديني واللامسلكي إلى الديانة، وهي الإقرار بالشرائع والعمل بالأركان، وإذا كانت هي التكوينية، فيكون السير تكوينيا والصراط خارجيا من الأعيان، كسائر الصرط الخارجية، ولكنها خارجية مادية، وهذا الصراط والطريق مختلف الأحوال، لأنه طريق مستقيم ممتد من الهيولي إلى الوجود المطلق، ففي ابتداء السير يكون ماديا، ثم يصير برزخيا، ثم يصير معنويا صرفا... وهكذا.
وهذا الطريق الممتد من المادة إلى السعادة المطلقة، وإلى القيامة العظمى وإلى الحشر الكلي التام وإلى لقاء الله والباقي ببقاء الله، هو الطريق المستقيم إلى الكمالات المتوسطة غير الخارجة عن حدي الإفراط والتفريط، ويكون واحدا حقيقيا ممتدا إلى الملكوت الأعلى والسماوات العلى، وعلى كل موجود الحفاظ على هذا الخط الممدود المستقيم، بأن لا يخرج عن حدوده، ولا يتجاوز عن تطرقه وتسلكه بالانحرافات الممكنة الحصول له في أثناء الطريق في كل آن ولحظة، بالمواظبة على الحدود الإلهية والشرائع الحقة وباتباع الإنسان الكامل، الذي يكون مطلعا على تلك الحدود، وسالكا ذلك السبيل، وعارفا بجميع أسواقه وأزقته وخصوصياته وانحرافاته، حتى لا يقع في الضلال، ولا