يتجاوز عن الصراط واستقامته، وبمثله كلف العباد، ولأجله ارسل الرسل والكتب.
وأما سائر الصرط التي يمشي عليها الموجودات، ليس شئ منها هذا الصراط المختص بأهل الله، لأن كلا منها ينتهي إلى غاية أخرى غير لقاء الله، والى منزل آخر غير جوار الله وغير دار الجنان ومنزل الرضوان، كطبقات الجحيم ودركات النيران، فالقوس الصعودية لا تصل إليه تعالى إلا بسلوك الإنسان الكامل عليها * (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) * (1)، والانحراف عنه يوجب السقوط عن الفطرة والهوي في درك الجحيم والهبوط في جهنم التي قيل لها: هل امتلئت، وتقول: هل من مزيد (2).
ومن هنا يعلم سر توصيفه في بعض الأخبار: بأنه أدق من الشعر وأحد من السيف (3)، لأن كمال الإنسان منوط باستعمال قوتيه:
أما القوة النظرية: فلإصابة الحق ونور اليقين في سلوك الأنظار الدقيقة التي هي في الدقة واللطافة أدق من الشعر.
وأما القوة العملية: فبتعديل القوى الثلاث - التي هي الشهوية، والغضبية، والشيطانية الفكرية الوهمية - في أعمالها لتحصل للنفس حالة اعتدالية، متوسطة بين الإفراط والتفريط غاية التوسط ونهاية