قوله تعالى:
يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين (60) آية قرأ " والكفار " بالجر أبو عمرو، ونافع، والكسائي. والباقون بالنصب، فمن نصب عطف على " الذين اتخذوا دينكم " وحجتهم في ذلك قوله: " لا يتخذوا المؤمنون الكافرين أولياء ". ومن جر عطف على " من الذين أوتوا الكتاب " أي ومن الكفار أولياء وحجتهم في ذلك أن الحمل على أقرب العاملين أجود، لأنها لغة القرآن وحسن الحمل على الجر، لان فرق الكفار ثلاث المشرك. والمنافق. والكتابي الذي لم يسلم وقد كان منهم الهزء فساغ لذلك أن يكون الكفار مجرورا وتفسيرا للموصول وموضحا له.
وقد اخبر الله تعالى أن المشركين كان منهم استهزاء بقوله " إنا كفيناك المستهزئين " (1) وعن المنافقين في قوله: " وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا انا معكم إنما نحن مستهزؤن " (2) وأخبر عن الكتابي في هذه الآية. فقال " لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار " وإن وقع على جميع الأصناف، فهو في من ليس من أهل الكتاب أليق، وعليه أغلب، فلذلك أفرد بالذكر. وقال الحسن: المعنى بالكفار مشركوا العرب، وإنما دخل غيرهم في الحكم بما صحب الكلام من الدليل