الخضوع كأنه قال يؤتون الزكاة خاضعين متواضعين كما قال الشاعر:
ولا تهين الفقير علك أن * تركع يوما والدهر قد رفعه (1) والمراد علك أن تخضع، قلنا الركوع هو التطأطأ المخصوص، وإنما يقال للخضوع ركوعا تشبيها ومجازا، لان فيه ضربا من الانخفاض، يدل على ما قلناه نص أهل اللغة عليه، قال صاحب العين: كل شئ ينكب لوجهه فتمس ركبتيه الأرض أولا تمس بعد أن يطأطئ رأسه فهو راكع قال لبيد:
أخبر أخبار القرون التي مضت * أدب كأني كلما قمت راكع (2) وقال ابن دريد: اراكع الذي يكبو على وجهه، ومنه الركوع في الصلاة قال الشاعر:
وأفلت حاجب فوق العوالي * على شقاء تركع في الظراب (3) أي تكبوا على وجهها. وإذا كانت الحقيقة ما قلناه، لم يجز حمل الآية على المجاز.
فان قيل قوله " الذين آمنوا " لفظ جمع كيف تحملون ذلك على الواحد؟
قيل: قد يعبر عن الواحد لفظ الجمع إذا كان معظما عالي الذكر قال تعالى " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " (3) وقال: " رب ارجعون "