رجل من الأنصار استودع درعا فجحد صاحبها فخونه رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله فغضب له قوم فاتوا نبي الله، فقالوا: أخونوا صاحبا، وهو أمين مسلم؟ فعذره النبي صلى الله عليه وآله وكذب عنه. وهو يرى أنه برئ مكذوب عليه، فأنزل الله فيه الآيات. واختار الطبري هذا الوجه وقال: لان الخيانة إنما تكون في الوديعة فأما السارق فلا يسمى خائنا فحمله عليه أولى وكل ذلك جائز.
قوله تعالى:
(ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما) (107) - آية -.
نهى الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله أن يجادل عن الذين يختانون أنفسهم بمعنى يخونون أنفسهم فيجعلونها خونة بخيانتهم ما خانوا من الأموال. وهم الذين تقدم ذكرهم من بني بيرق فقال: لا تخاصم عنهم فيما خانوا فيه ثم أخبر (إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما) يعني من كان صنعته خيانة الناس في أموالهم (أثيما) يعني مأثوما وبمثله قال من تقدم من المفسرين قال قتادة: وفيهم نزلت الآيات إلى قوله:
(ومن يشاقق الرسول).
قوله تعالى:
(يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما تعملون محيطا) (108) - آية -.
معنى يستخفون يكتمون فأخبر الله تعالى ان هؤلاء الخائنين يكتمون خيانتهم من الناس الذين لا يقدرون لهم على شئ إلا الذكر لهم بقبيح ما أتوه من فعلهم وتشنيع ما ركبوه إذا اطلعوا منهم على ذلك حياء منهم وحذرا من قبح