رحيما " يصفح عن ذنوب عباده ويسترها عليهم، ويترك مؤاخذتهم بها. وعندنا أن الخطاب وإن توجه إلى النبي صلى الله عليه وآله من حيث خاصم من رآه على ظاهر الايمان والعدالة، وكان في الباطن بخلافه فلم يكن ذلك معصية، لأنه (ع) منزه عن القبائح فإنما ذكر على وجه التأديب له في أن لا يبادر فيخاصم ويدفع عن خصم إلا بعد أن يبين الحق منه. والمراد بذلك أمته عليه السلام. على أنا لا نعلم أن ما روي في هذا الباب وقع من النبي صلى الله عليه وآله، لان طريقه الآحاد، وليس توجه النهي إليه بدال على أنه وقع منه ذلك المنهي قال " لئن أشركت ليحبطن عملك " (1) ولا يدل ذلك على وقوع الشرك منه. وقال قوم من المفسرين: انه لم يخاصم عن الخصم وإنما هم به فعاتبه الله على ذلك.
القصة والنزول:
والآية نزلت في بني أبيرق كانوا ثلاثة أخوة بشر وبشير ومبشر وكان بشر يكنى أبا طعمة فنقبوا على عم قتادة بن النعمان وأخذوا له طعاما وسيفا، ودرعا فشكى ذلك إلى ابن أخيه قتادة وكان قتادة بدريا فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فذكر له القصة، وكان معهم في الدار رجل يقال له لبيد بن سهل وكان فقيرا شجاعا مؤمنا، فقال بنو أبيرق لقتادة هذا عمل لبيد بن سهل، فبلغ لبيدا ذلك، فاخذ سيفه وخرج إليهم. وقال يا بني أبيرق أترموني بالسرق وأنتم أولى به مني، وأنتم المنافقون تهجون رسول الله وتنسبون إلى قريش لتبنين ذلك أو لأضعن سيفي فيكم فداروه. وقالوا: ارجع رحمك الله فأنت برئ من ذلك. وبلغهم ان قتادة مضى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فمشوا إلى رجل من رهطهم يقال له أسير بن عروة، وكان منطيقا لسنا فأخبروه، فمشى أسير إلى رسول الله صلى الله عليه وآله في جماعة، فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله إن قتادة بن النعمان رمى جماعة من أهل الحسب منا بالسرق واتهمهم بما ليس فيهم وجاء قتادة إلى النبي صلى الله عليه وآله فاقبل