وأصل البدار الامتلاء. ومنه البدر القمر، لامتلائه نورا، والبدرة:
لامتلائها بالمال، والبيدر: لامتلائه بالطعام، وموضع " أن " نصب بالمبادرة، والمعنى:
لا تأكلوها مبادرة كبرهم. وقوله: (ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف " يعني: من كان غنيا من ولاة أموال اليتامى فليستعفف بماله عن أكلها، وبه قال ابن عباس، وإبراهيم. وقوله: (ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف) قال عبيدة: معناه القرض، وهو المروي عن أبي جعفر (ع)، ألا ترى أنه قال: (فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم) " ومن كان فقيرا " فاختلفوا في الوجه الذي يجوز له أكل مال اليتيم به إذا كان فقيرا، وهو المعروف، فقال سعيد بن جبير، وعبيدة السلماني، وأبو العالية، وأبو وائل، والشعبي، ومجاهد، وعمر بن الخطاب: هو أن يأخذه قرضا على نفسه فيما لابد له منه، ثم يقضيه، وبينا أنه المروي عن أبي جعفر (ع). وقال الحسن، وإبراهيم، ومكحول، وعطاء بن أبي رباح: يأخذ ما سد الجوعة، ووارى العورة، ولا قضاء عليه، ولم يوجبوا أجرة المثل، لان أجرة المثل ربما كانت أكثر من قدر الحاجة. والظاهر في أخبارنا أن له أجرة المثل، سواء كان قدر كفايته، أولم يكن. وسئل ابن عباس عن ولي يتيم له إبل هل له أن يصيب من ألبانها؟ فقال: إن كنت تلوط حوضها، وتهنأ جرباها، فأصبت من رسلها، غير مضر بغسل ولا ناهكه في الحلب.
معنى تلوط حوضها: تطينه، وتهنأ جرباها، معناه: تطليها بالهناء، وهو الخضخاض، ذكره الأزهري، والرسل اللبن، والنهك: المبالغة في الحلب.
واختلفوا في هل للفقير من ولي اليتيم أن يأكل من ماله هو وعياله، فقال عمرو بن عبيد: ليس له ذلك، لقوله: " فليأكل بالمعروف " فخصه بالاكل، وقال الجبائي: له ذلك لان قوله: " بالمعروف " يقتضي أن يأكل هو وعياله، على ما جرت به العادة في أمثاله، وقال إن كان المال واسعا كان له أن يأخذ قدر كفايته، له ولمن يلزمه نفقته من غير اسراف، وإن كان قليلا كان له أجرة المثل