أي منجاة كما سموا اللديغ سليما، والأعمى بصيرا. وظاهر الآية يدل على أن كل نفس تذوق الموت، وإن كانت مقتولة - على قول الرماني - ونحن وإن قلنا: إن الموت غير القتل، فلابد أن نقول: إن المقتول يختار الله أن يفعل فيه الموت إذا كان في فعله مصلحة. وقوله: (وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) معناه وما لذات الدنيا، وشهواتها، وما فيها من زينتها إلا متعة متعكموها الغرور، والخداع:
المضمحل الذي لا حقيقة له عند الاختبار والامتحان، لأنكم تلتذون بما يمتعكم الغرور من دنياكم، ثم هو عائد عليكم بالفجائع والمصائب، فلا تركنوا إليه، ولا تسكنوا، فإنما هي غرور وإنما أنتم منها في غرور. وقال عكرمة: متاع الغرور، القوارير، وهي في الأصل كل متاع لابقاء له، وإنما وصفت الحياة الدنيا بأنها متاع الغرور مع كشفها عن حالها، لأنها بمنزلة من يغتر بالمحبوب ويبذل ما فيه الفرح والسرور، ليوقع في بلية تؤدي إلى هلكة، مبالغة في التحذير منها - على منا بيناه - وفي الآية دلالة على أن أقل نعيم من الآخرة خير من نعيم الدنيا بأسره ولذلك قال صلى الله عليه وآله: (موضع سوط في الجنة خير من الدنيا، وما فيها) واستدل بهذه الآية على أن القتل هو الموت على الحقيقة. ومنهم من قال في المقتول: موت، وقتل وللمخالف أن يقول: يمكن أن تكون الآية مخصوصة بمن يموت، ولا يقتل كما قال: (كل نفس بما كسبت رهينة) (1) وهي مختصة بالعقلاء البالغين، ويمكن أن يكون المراد كل نفس تعدم الحياة، فيكون ذلك على وجه الاستعارة. ذكره البلخي. وقوله: (ذائقة الموت) مجاز، لان الموت لا يذاق في الحقيقة، لان ذلك مشهور في كلامهم يقولون: ذاق الموت، وشرب بكأس المنون، لأنه بمنزلة ما يذاق بذوق شدائده. والفرق بين الذوق وإدراك الطعم أن الذوق تقريب جسم المذوق إلى حاسة الذوق، والادراك للطعم هو وجدانه (2) وإن لم يكن هناك احساس، ولذلك يوصف تعالى بأنه مدرك للطعم ولا يوصف