فاما من قال أنها نزلت في أبي بكر فقوله بعيد من الصواب، لأنه تعالى إذا كان وصف من أراده بالآية بالعزة على الكافرين وبالجهاد في سبيله مع اطراح خوف اللوم كيف يجوز أن يظن عاقل توجه الآية إلى من لم يكن له حظ في ذلك الموقف لان المعلوم أن أبا بكر لم يكن له نكاية في المشركين، ولا قتيل في الاسلام، ولا وقف في شئ من حروب النبي صلى الله عليه وآله موقف أهل البأس والفناء، بل كان الفرار شيمته، والهرب ديدنه، وقد انهزم عن النبي صلى الله عليه وآله في مقام بعد مقام، فانهزم يوم أحد ويوم حنين، وغير ذلك، فكيف يوصف بالجهاد في سبيل الله - على ما يوصف في الآية - من لا جهاد له جملة. وهل العدول بالآية عن أمير المؤمنين (ع) مع العلم الحاصل بموافقة أوصافه لها إلى غيره إلا عصبية ظاهرة. ولم يذكر هذا طعنا على أبي بكر (رضي الله عنه) ولا قدحا فيه، لان اعتقادنا فيه أجمل شئ، بل قلنا أليس في الآية دلالة على ما قال.
ومعنى " أذلة على المؤمنين " أي أهل لين ورقة " أعزة على الكافرين " أي أهل جفاة وغلظة. والذل بكسر الذال غير الذال بضمها، لان الأول اللين والانقياد والثاني الهوان والاستخفاف. وروي عن علي (ع) وابن عباس (رحمة الله عليه) أن معنى " أذلة " أهل رحمة ورقة. ومعنى " أعزة أهل غلظة وشدة. وقال الأعمش " أذلة " يعني ضعفاء.
ومحبة الله تعالى لخلقه إرادة ثوابهم وإكرامهم وإجلالهم. ومحبتهم له إرادتهم لشكره وطاعته وتعظيمه. والارتداد - عندنا - على ضربين: مرتد عن فطرة الاسلام، فإنه يجب قتله ولا يستتاب، ويقسم ماله. بين ورثته وتعتد منه زوجته عدة الوفاة من يوم ارتداده. والآخر من أسلم عن كفر