من الجارح. وإن سرت إلى النفس كان فيها القود. وكسر العظم لا قصاص فيه، وإنما فيه الدية. وكل جارحة كانت ناقصة فإذا قطعت كان فيها حكومة.
ولا يقتص لها الجارحة الكاملة كيد شلاء وعين لا تبصر وسن سوداء متأكلة (1)، فان جميع ذلك حكومة لا تبلغ دية تلك الجارحة. وقد روي أن في هذه الأشياء مقدرا وهو ثلث دية العضو الصحيح. وتفصيل أحكام الجنايات والديات استوفيناه في النهاية والمبسوط في الفقه لا نطول بذكره ههنا.
وقوله: " فمن تصدق به فهو كفارة له " الهاء في " كفارة له " يحتمل عودها إلى أحد أمرين:
أحدهما - وهو الأقوى - ما قاله عبد الله بن عمر والحسن وقتادة وابن زيد وإبراهيم - على خلاف عنه - والشعبي بخلاف عنه: إنها عائدة على المتصدق من المجروح أو ولي المقتول، لأنه إذا تصدق بذلك على الجارح لوجه الله كفر الله عنه بذلك عقوبة ما مضى من معاصيه.
الثاني - على المتصدق عليه لأنه يقوم مقام أخذ الحق عنه ذهب إليه ابن عباس ومجاهد، وإنما رجحنا الأول، لان العائد يجب أن يرجع إلى مذكور، وهو من تصدق، والمتصدق عليه لم يجر له ذكر، ومعنى " من تصدق " به عفا عن الحق واسقط.
فان قيل: هل يكفر الذنب إلا التوبة أو اجتناب الكبيرة؟
قلنا: على مذهبنا يجوز أن يكفر الذنب شئ من أفعال الخير، ويجوز أن يتفضل الله باسقاط عقابها. وقال قوم: يجوز أن يكفر بالطاعة الصغيرة