الثاني - قال الحسن، ومجاهد، والجبائي: إنه كان كتب عليهم إذا أراد الرجل قتل رجل تركه ولم يمتنع منه. وكان عمرو بن عبيد يجيز الوجهين وهو الأقوى لان كلا الامرين جائز.
فان قيل كيف يجوز الوجه الأخير وفيه أطماع في النفس؟!
قلنا: ليس فيه شئ من ذلك لأنه يجري مجرى قول القائل لغيره لئن ظلمتني لم أظلمك، ولئن قبحت في أمري لم أقبح في أمرك بل في ذلك غاية الزجر والردع عن القبيح، لان القبيح منفر عن نفسه صارف عن فعله.
وقوله: " إني أخاف الله رب العالمين " يعني أخاف الله في ابتداء مدي إليك يدي لقتلك " رب العالمين " يعني رب الخلائق.
واللام في قوله " لئن " لام القسم وتقديره أقسم " لئن بسطت إلي يدك " وجوابه " ما أنا بباسط " ولا تقع (ما) جوابا للشرط والفرق بينهما أن ل (ما) صدر الكلام والقسم لا يخرجها عن ذلك كما جاز أن يكون جواب القسم ب (أن) ولام الابتداء، ولم يجز بالفاء لان المقسم عليه ليس يجب بوجوب القسم وإنما القسم يؤكده، وجواب الشرط يجب بوجوبه، وإذا اجتمع القسم والجزاء كان جواب القسم أولى من جواب الجزاء، لأنه لما تقدم وصار الجزاء في حشو الكلام غلبه على الجواب فصار له واكتفى به من جواب الجزاء لدلالته عليه.
وروى غياث بن إبراهيم عن أبي إسحاق الهمداني عن علي (ع) أنه قال:
لما قتل ابن آدم (ع) أخاه بكا وقال:
تغيرت البلاد ومن عليها * فوجه الأرض مغبر قبيح تغير كل ذي لون وطعم * وقل بشاشة الوجه المليح