وبينهم، وغدروا بك، فان ذلك من عادتهم، وعادات اسلافهم، لأني اخذت ميثاق سلفهم على عهد موسى على طاعتي، وبعثت منهم اثني عشر نقيبا، فنقضوا ميثاقي، ونكثوا عهدي، فلعنتهم بنقضهم ميثاقهم. وفي الكلام محذوف اكتفى بدلالة الظاهر عليه. والمعنى فمن كفر بعد ذلك منكم، فقد ضل سواء السبيل، فنقضوه، فلعنتهم فبما نقضهم ذلك لعناهم فاكتفى بقوله: فبما نقضهم من ذكر فنقضوا.
(وما) زائدة والتقدير فبنقضهم (وما) مؤكدة. وهو قول قتادة وجميع المفسرين ومثله قول الشاعر:
لشئ ما يسود من يسود والهاء والميم كنايتان عن بني إسرائيل واللعن هو الطرد للسخط على العبد، وهو الابعاد من رحمة الله على جهة العقوبة. وقال الحسن: هو المسخ الذي كان فيهم حين صاروا قردة، وخنازير. ومعنى جعلنا - هاهنا - قال البلخي: سميناها بذلك عقوبة على كفرهم، ونقض ميثاقهم. قال: ويجوز أن يكون المراد ان الله بكفرهم لم يفعل بهم اللطف الذي تنشرح به صدورهم كما يفعل بالمؤمن. وذلك مثل قولهم: أفسدت سيفك: إذا تركت تعاهده حتى صدئ. ويقولون: جعلت أظافيرك سلاحك: إذا لم تقصها. ويشهد للأول قوله تعالى: " وجعلوا لله شركاء الجن " وأراد بذلك انهم سموا لله شركاء. وقال أبو علي: هو البيان عن حالهم، وجفا قلوبهم عن الايمان بالله ورسوله، كما يقال: جعلته فاسقا مهتوكا: إذا أبان عن حاله للناس.
ومعنى قاسية. أي يابسة يقال للرحيم: لين القب، ولغير الرحيم: قاسي القلب. والقاسي والقاسح - بالحاء - الشديد الصلابة. ويقال: قسا يقسو قسوة ومنه " فهي كالحجارة أو أشد قسوة " وقسية أشد مبالغة. وقاسية أعرف وأكثر في الاستعمال. وقال أبو عبيدة: قاسية معناه فاسدة من قولهم: درهم قسي أي زائف قال أبو زبيد: