ليحسبوهم المؤمنون منهم، وليسوا منهم، لأنهم لا يعتقدون فرضها. وبه قال قتادة وابن زيد. وقوله: " ولا يذكر الله إلا قليلا " إنما وصف ما استثناه من ذكرهم لله بالقلة من حيث إنهم لا يقصدون به وجه الله، ولا التقرب إليه، لا ان شيئا من ذكر الله يوصف بأنه قليل، بل يوصف جميعه بأنه كثير، قال الحسن: وصفه بالقلة، لأنه كان لغير الله. وقال قتادة: لأنه لم يقبله الله وكلما رده الله، فهو قليل، وما قبله فهو كثير. وقال الجبائي: لأنهم. إذا قاموا إلى الصلاة، لم يذكروا غير تكبيرة الاحرام.
وقوله: " مذبذبين " في موضع نصب على الحال. ومعناه انهم يقومون إلى الصلاة يعني المنافقين مترددين، لا إلى هؤلاء يعني المؤمنين فيفعلونه، فيستحقون به الثواب ولا إلى هؤلاء يعني الكفار فيجاهرون بالكفر، بل بين ذلك يظهرون الايمان، فيجري عليهم حكم أهله، ويبطنون الكفر فيستحقون به عقاب أهله. واصل التذبذب التحرك والاضطراب. قال النابغة:
ألم تر ان الله أعطاك سورة * يرى كل ملك دونها يتذبذب (1) وقال الحسن بن علي المغربي: مذبذبين مطرودين من هؤلاء، ومن هؤلاء، من الذب الذي هو الطرد. وصف الله تعالى هؤلاء المنافقين بالحيرة في دينهم، وانهم لا يرجعون إلى صحة فيه، لا مع المؤمنين على بصيرة، ولامع الكفار على جهالة. وقال ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وآله ان مثلهم مثل الشاة العائرة بين الغنمين تتحير، فتنظر إلى هذه والى هذه، لا تدري أيهما تتبع. وبهذه الجملة قال السدي وقتادة ومجاهد وابن جريج وابن زيد وغيرهم من المفسرين. وقوله: " ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا " يحتمل أمرين:
أحدهما - من يضله الله عن طريق الجنة، فلن تجد له سبيلا إلى طريق الجنة.
والثاني - من يجد له عقوبة على معاصيه عن طريق الرشاد والاسلام، ولم