باعراضه وتركه الاقبال على ما يلزمه ان يقبل عليه قال: ولو قرأت بالواوين، لكان فيه تكرار، لان اللي كالاعراض ألا ترى ان قوله: " لووا رؤسهم ورايتهم يصدون " (1) معناه أعراض منهم، وترك الانقياد للحق ومثله " ليا بألسنتهم " (2) معناه انحراف وأخذ فيما لا ينبغي ان يأخذوا به. وحجة من قرأ بالواوين من لووا ان تقول لا يمتنع ان تتكرر اللفظتان المختلفتان بمعنى واحد على وجه التأكيد، كقوله: " فسجد الملائكة كلهم أجمعون " وكقول الشاعر:
وهند اتى من دونها * النأي والبعد (3) وقول آخر:
والفي قولها كذبا ومينا وقالوا: أيضا يجوز أن يكون تلوا كان أصله تلووا، وان الواو التي هي عين همزت لانضمامها، كما همزت في قوله: (أدروا) وألقيت حركة الهمزة على اللام التي هي فاء، فصار تلوا أجاز ذلك الزجاج والفراء وأبو علي الفارسي.
[المعني واللغة:
ومعنى الآية ان الله تعالى لما حكى عن الذين سعوا إلى رسول الله في امر بني أبيرق وقيامهم لهم بالعذر، وذبهم عنهم من حيث كانوا أهل فقر وفاقة، أمر الله المؤمنين ان يكونوا " قوامين بالقسط " يعني بالعدل والقسط، والأقساط: العدل يقال: أقسط الرجل إقساطا إذا عدل وأتى بالقسط وقسط ويقسط قسوطا: إذا أجار وقسط البعير يقسط قسطا إذا يبست يده ويد قسط، أي يابسة " شهد الله " وهو جمع شهيد ونصب شهداء على الحال من الضمير في قوله: (قوامين) وهو ضمير الذين آمنوا وقوله: " ولو على أنفسكم " يعني ولو كانت شهادتكم على أنفسكم أو على والديكم أو على أقرب الناس إليكم، فقوموا فيها بالقسط والعدل، وأقيموها على صحتها، وقولوا فيها الحق، ولا تميلوا فيها لغنى غني، ولا فقر فقير، فتجوروا، فان الله قد سوى بين الغني والفقير فيما ألزمكم من أقامه الشهادة لكل واحد منهما بالعدل، وهو