الراوي فيما حكاه من ذلك ولا الانكار عليه فيما هنالك فيكون الساكت منهم كالناطق لان مجموعهم محفوظ من الاغضاء على الباطل وعلى تقدير أن يوجد من بعضهم انكار أو طعن على بعض من روى شيئا من ذلك فإنما هو من جهة توقف في صدق الراوي أو تهمته بكذب أو توقف في ضبطه أو نسبته إلى سوء الحفظ أو جواز الغلط ولا يوجد من أحد منهم طعن في المروي كما وجد منهم في غير هذا الفن من الاحكام والآداب وحروف القرآن ونحو ذلك وقد قرر القاضي عياض ما قدمته من وجود إفادة القطع في بعض الأخبار عند بعض العلماء دون بعض تقريرا حسنا ومثل ذلك بان الفقهاء من أصحاب مالك قد تواتر عندهم النقل ان مذهبه اجزاء النية من أول رمضان خلافا للشافعي في ايجابه لها في كل ليلة وكذا ايجاب مسح جميع الرأس في الوضوء خلافا للشافعي في اجزاء بعضها وان مذهبهما مع ايجاب النية في أول الوضوء واشتراط الولي في النكاح خلافا لأبي حنيفة ونجد العدد الكثير والجم الغفير من الفقهاء من لا يعرف ذلك من خلافهم فضلا عمن لم ينظر في الفقه وهو أمر واضح والله أعلم وذكر النووي في مقدمه شرح مسلم ان معجزات النبي صلى الله عليه وسلم تزيد على ألف ومائتين وقال البيهقي في المدخل بلغت ألفا وقال الزاهدي من الحنفية ظهر على يديه ألف معجزة وقيل ثلاثة آلاف وقد اعتنى بجمعها جماعة من الأئمة كأبي نعيم والبيهقي وغيرهما (قوله في الاسلام) أي من حين المبعث وهلم جرا دون ما وقع قبل ذلك وقد جمع ما وقع من ذلك قبل المبعث بل قبل المولد الحاكم في الإكليل وأبو سعيد النيسابوري في شرف المصطفى وأبو نعيم والبيهقي في دلائل النبوة وسيأتي منه في هذا الكتاب في قصة زيد بن عمرو بن نفيل في خروجه في ابتغاء الدين ومضى منه قصة ورقة بن نوفل وسلمان الفارسي وقدمت في باب أسماء النبي صلى الله عليه وسلم قصة محمد بن عدي بن ربيعة في سبب تسميته محمدا ومن مشهور ذلك قصة بحيرا الراهب وهي في السيرة لابن اسحق وروى أبو نعيم في الدلائل من طريق شعيب بن شعيب أي ابن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص عن أبيه عن جده قال كان بمر الظهران راهب يدعى عيصا فذكر الحديث وفيه أنه أعلم عبد الله بن عبد المطلب ليلة ولد له النبي صلى الله عليه وسلم بأنه نبي هذه الأمة وذكر له أشياء من صفته وروى الطبراني من حديث معاوية بن أبي سفيان عن أبيه ان أمية بن أبي الصلت قال له اني أجد في الكتب صفة نبي يبعث من بلادنا وكنت أظن أني هو ثم ظهر لي أنه من بني عبد مناف قال فنظرت فلم أجد فيهم من هو متصف باخلاقه الا عتبة بن ربيعة الا أنه جاوز الأربعين ولم يوح إليه فعرفت أنه غيره قال أبو سفيان فلما بعث محمد قلت لامية عنه فقال أما انه حق فاتبعه فقلت له فأنت ما يمنعك قال الحياء من نسيات ثقيف اني كنت أخبرهن اني هو ثم أصير تبعا لفتى من بني عبد مناف وروى ابن إسحاق من حديث سلمة بن سلامة بن وقش وأخرجه أحمد وصححه ابن حبان من طريقه قال كان لنا جار من اليهود بالمدينة فخرج علينا قبل البعثة بزمان فذكر الحشر والجنة والنار فقلنا له وما آية ذلك قال خروج نبي يبعث من هذه البلاد وأشار إلى مكة فقالوا متى يقع ذلك قال فرمى بطرفه إلى السماء وأنا أصغر القوم فقال إن يستنفد هذا الغلام عمره يدركه قال فما ذهبت الأيام والليالي حتى بعث الله نبيه وهو حي فآمنا به وكفر هو بغيا وحسدا وروى يعقوب بن سفيان باسناد حسن عن عائشة قالت كان يهودي قد سكن مكة فلما كانت الليلة التي ولد فيها النبي صلى الله عليه وسلم قال
(٤٢٥)