ولقوله يقال لها العضباء ولو كانت تلك صفتها لم يحتج لذلك وقال الزمخشري العضباء منقول من قولهم ناقة عضباء أي قصيرة اليد واختلف هل العضباء هي القصواء أو غيرها فجزم الحربي بالأول وقال تسمى العضباء والقصواء والجدعاء وروى ذلك ابن سعد عن الواقدي وقال غيره بالثاني وقال الجدعاء كانت شهباء وكان لا يحمله عند نزول الوحي غيرها وذكر له عدة نوق غير هذه تتبعها من اعتنى بجمع السيرة وفي الحديث اتخاذ الإبل للركوب والمسابقة عليها وفيه التزهيد في الدنيا للإشارة إلى أن كل شئ منها لا يرتفع الا اتضع وفيه الحث على التواضع وفيه حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم وتواضعه وعظمته في صدور أصحابه (قوله باب الغزو على الحمير) كذا في رواية المستملى وحده بغير حديث وضم النسفي هذه الترجمة للتي بعدها فقال باب الغزو على الحمير وبغلة النبي صلى الله عليه وسلم البيضاء ولم يتعرض لذلك أحد من الشراح وهو مشكل على الحالين لكن في رواية المستملى أسهل لأنه يحمل على أنه وضع الترجمة وأخلى بياضا للحديث اللائق بها فاستمر ذلك وكانه أراد أن يكتب طريقا لحديث معاذ كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار يقال له عفير وقد تقدم قريبا في باب اسم الفرس والحمار وكونه كان راكبه يحتمل ان يكون في الحضر وفي السفر فيحصل مقصود الترجمة على طريقة من لا يفرق بين المطلق والعام والله أعلم وأما رواية النسفي فليس في حديثي الباب الا ذكر البغلة خاصة ويمكن ان يكون أخلى آخر الباب بياضا كما قلنا في رواية المستملى أو يؤخذ حكم الحمار من البغلة وقد أخرج عبد بن حميد من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوم خيبر على حمار مخطوم بحبل من ليف وفي سنده مقال (قوله باب بغلة النبي صلى الله عليه وسلم البيضاء) قاله أنس يشير إلى حديثه الطويل في قصة حنين وسيأتي موصولا مع شرحه في المغازي وفيه وهو على بغلة بيضاء (قوله وقال أبو حميد أهدى ملك أيلة للنبي صلى الله عليه وسلم بغلة بيضاء) يشير إلى حديثه الطويل في غزوة تبوك وقد مضى موصولا في أواخر كتاب الزكاة وفيه هذا القدر وزيادة وتقدمت الإشارة إلى اسم صاحب أيلة هناك مع بقية شرح الحديث ومما ينبه عليه هنا ان البغلة البيضاء التي كان عليها في حنين غير البغلة البيضاء التي أهداها له ملك أيلة لان ذلك كان في تبوك وغزوة حنين كانت قبلها وقد وقع في مسلم من حديث العباس ان البغلة التي كانت تحته في حنين أهداها له فروة بن نفاثة بضم النون بعدها فاء خفيفة ثم مثلثة وهذا هو الصحيح وذكر أبو الحسين بن عبدوس ان البغلة التي ركبها يوم حنين دلدل وكانت شهباء أهداها له المقوقس وان التي أهداها له فروة يقال لها فضة ذكر ذلك ابن سعد وذكر عكسه والصحيح ما في مسلم ثم ذكر المصنف في الباب حديثين أحدهما حديث عمرو بن الحارث وهو أخو جويرية أم المؤمنين قالت ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الا بغلته البيضاء الحديث وقد تقدم في أول الوصايا وان شرحه يأتي في الوفاة آخر المغازي ثانيهما حديث البراء في قصة حنين وقد تقدم قريبا وفيه والنبي صلى الله عليه وسلم على بغلة بيضاء وسيأتي شرحه في المغازي إن شاء الله تعالى واستدل به على جواز اتخاذ البغال وانزاء الحمر على الخيل وأما حديث علي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال انما يفعل ذلك الذين لا يعلمون أخرجه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان فقال الطحاوي أخذ به قوم فحرموا ذلك ولا حجة فيه لان معناه الحض على تكثير الخيل لما فيها من الثواب وكأن المراد الذين
(٥٦)