بذلك لكونه شاهد أول الأمر بخلاف من لم يشاهد ثم وجدت ذلك صريحا في بعض طرقه ففي رواية أبي المتوكل عن جابر عند أبي نعيم فذكر الحديث وفيه فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر فقال انطلق بنا حتى نطوف بنخلك هذا فذكر الحديث وفي رواية أبي نضرة عن جابر عنده في هذه القصة قال فأتاه هو وعمر فقال يا فلان خذ من جابر وأخر عنه فأبى فكاد عمر يبطش به فقال النبي صلى الله عليه وسلم مه يا عمر هو حقه ثم قال اذهب بنا إلى نخلك الحديث وفيه فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال ائتني بعمر فأتيته فقال يا عمر سل جابرا عن نخله فذكر القصة ووقع في رواية الديال بن حرمله ان أبا بكر وعمر جميعا كانا مع النبي صلى الله عليه وسلم وقال في آخره قال فانطلق فأخبر أبا بكر وعمر قال فانطلقت فأخبرتهما الحديث ونحوه في رواية وهب بن كيسان عن جابر وجمع البيهقي بين مختلف الروايات في ذلك بأن اليهودي المذكور كان له دين من تمر ولغيره من الغرماء ديون أخرى فلما حضر الغرماء وطالبوا بحقوقهم وكال لهم جابر التمر ففضل تمر الحائط كأنه لم ينقص شئ فجاء اليهودي بعدهم فطالب بدينه فجد له جابر ما بقي على النخلات فأوفاه حقه منه وهو ثلاثون وسقا وفضلت منه سبعة عشر انتهى وهذا الجمع يقتضي انه لم يفضل من الذي في البيادر شئ وقد صرح في الرواية المتقدمة انها فضلت كلها كأنه لم ينقص منها شئ فما تقدم من الطريق التي جمعت به أولى والله أعلم وفي الحديث من الفوائد جواز الاستنظار في الدين الحال وجواز تأخير الغريم لمصلحة المال الذي يوفى منه وفيه مشي الامام في حوائج رعيته وشفاعته عند بعضهم في بعض وفيه علم ظاهر من أعلام النبوة لتكثير القليل إلى أن حصل به وفاء الكثير وفضل منه * الحديث التاسع حديث عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق في قصة أضياف أبي بكر والمراد منه تكثير الطعام القليل (قوله عن أبيه) هو سليمان بن طرخان التيمي أحد صغار التابعين وفي رواية أبي النعمان عن معتمر حدثنا أبي كما تقدم في الصلاة وأبو عثمان هو النهدي (قوله إن أصحاب الصفة كانا أناسا فقراء) سيأتي ذكرهم في كتاب الرقاق وان الصفة مكان في مؤخر المسجد النبوي مظلل أعد لنزول الغرباء فيه ممن لا مأوى له ولا أهل وكانوا يكثرون فيه ويقلون بحسب من يتزوج منهم أو يموت أو يسافر وقد سرد أسماءهم أبو نعيم في الحلية فزادوا على المائة (قوله من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث) أي من أهل الصفة المذكورين ووقع في رواية مسلم فليذهب بثلاثة قال عياض وهو غلط والصواب رواية البخاري لموافقتها لسياق باقي الحديث وقال القرطبي ان حمل على ظاهره فسد المعنى لان الذي عنده طعام اثنين إذا ذهب معه بثلاثة لزم أن يأكله في خمسة وحينئذ لا يكفيهم ولا يسد رمقهم بخلاف ما إذا ذهب بواحد فإنه يأكله في ثلاثة ويؤيده قوله في الحديث الآخر طعام الاثنين يكفي أربعة أي القدر الذي يشبع الاثنين يسد رمق أربعة ووجهها النووي بان التقدير فليذهب بمن يتم من عنده ثلاثة أو فليذهب بتمام ثلاثة (قوله ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس بسادس أو كما قال) أي فليذهب بخامس ان لم يكن عنده ما يقتضي أكثر من ذلك والا فليذهب بسادس مع الخامس إن كان عنده أكثر من ذلك والحكمة في كونه يزيد كل أحد واحد فقط ان عيشهم في ذلك الوقت لم يكن متسعا فمن كان عنده مثلا ثلاثة أنفس لا يضيق عليه ان يطعم الرابع من قوتهم وكذلك الأربعة وما فوقها بخلاف ما لو زيدت الأضياف بعدد العيال فإنما
(٤٣٦)