تقدمت الإشارة إلى ذلك وقد أورد المصنف في الباب حديث أنس في قصة العرنيين وليس فيه التصريح بأنهم فعلوا ذلك بالرعاء لكنه أشار إلى ما ورد في بعض طرقه وذلك فيما أخرجه مسلم من وجه آخر عن أنس قال انما سمل النبي صلى الله عليه وسلم أعين العرنيين لانهم سملوا أعين الرعاء قال ابن بطال ولو لم يرد ذلك لكان أخذ ذلك من قصة العرنيين بطريق الأولى لأنه إذا جاز سمل أعينهم وهو تعذيب بالنار ولو لم يفعلوا ذلك بالمسلمين فجوازه ان فعلوه أولى وقد تقدم الكلام عليه مستوفى في كتاب الطهارة في باب أبوال الإبل وهو في أواخر أبواب الوضوء قبيل كتاب الغسل وقوله حدثنا معلى بضم الميم وهو ابن أسد وثبت كذلك في رواية الأصيلي وآخرين وقوله فيه ابغنا رسلا أي أعنا على طلبه والرسل بكسر الراء الدر من اللبن والذود بفتح المعجمة وسكون الواو بعدها مهملة الثلاث من الإبل إلى العشرة والصريخ صوت المستغيث وترجل بالجيم أي ارتفع (قوله باب كذا لهم بغير ترجمة وهو كالفصل من الباب قبله والمناسبة بينهما ان لا يتجاوز بالتحريق حيث يجوز إلى من لم يستوجب ذلك فإنه أورد فيه حديث أبي هريرة في تحريق قرية النمل وأشار بذلك إلى ما وقع في بعض طرقه ان الله أوحى إليه فهلا نملة واحدة فان فيه إشارة إلى أنه لو حرق التي قرصته وحدها لما عوتب ولا يخفى ان صحة الاستدلال بذلك متوقفة على أن شرع من قبلنا هل هو شرع لنا وسيأتي الكلام على شرحه مستوفى في بدء الخلق إن شاء الله تعالى (قوله باب حرق الدور والنخيل) أي التي للمشركين كذا وقع في جميع النسخ حرق وضبطوه بفتح أوله واسكان الراء وفيه نظر لأنه لا يقال في المصدر حرق وانما يقال تحريق واحراق لأنه رباعي فلعله كان حرق بتشديد الراء بلفظ الفعل الماضي وهو المطابق للفظ الحديث والفاعل محذوف تقديره النبي صلى الله عليه وسلم بفعله أو باذنه وقد ترجم في التي قبلها باب إذا حرق وعلى هذا فقوله الدور منصوب بالمفعولية والنخيل كذلك نسقا عليه ثم ذكر فيه حديثين ظاهرين فيما ترجم له * أحدهما عن جرير في قصة ذي الخلصة بفتح المعجمة واللام والمهملة وحكى تسكين اللام وسيأتي شرحه في أواخر المغازي وقوله فيه كعبة اليمانية أي كعبة الجهة اليمانية على رأي البصريين * ثانيهما حديث ابن عمر حرق رسول الله صلى الله عليه وسلم نخل بني النضير أورده مختصرا هكذا وسيأتي بتمامه في المغازي مع شرحه إن شاء الله تعالى وقد ذهب الجمهور إلى جواز التحريق والتخريب في بلاد العدو وكرهه الأوزاعي والليث وأبو ثور واحتجوا بوصية أبي بكر لجيوشه ان لا يفعلوا شيئا من ذلك وأجاب الطبري بان النهي محمول على القصد لذلك بخلاف ما إذا أصابوا ذلك في خلال القتال كما وقع في نصب المنجنيق على الطائف وهو نحو ما أجاب به في النهي عن قتل النساء والصبيان وبهذا قال أكثر أهل العلم ونحو ذلك القتل بالتغريق وقال غيره انما نهى أبو بكر جيوشه عن ذلك لأنه علم أن تلك البلاد ستفتح فأراد ابقاءها على المسلمين والله
(١٠٨)