باب) كذا للأكثر بغير ترجمة كأبي ذر وأبي زيد من رواية القابسي عنه وكريمة وكذا للنسفي وجزم به الإسماعيلي وضمه بعضهم إلى الباب الذي قبله ولا تظهر مناسبته له ولا يصلح أن يكون فصلا من الذي قبله بل هو طرف من الحديث الذي بعده ولعل هذا من تصرف الرواة نعم وجهه بعض شيوخنا بأنه أشار إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان ذا اسم وكنية لكن لا ينبغي أن ينادي بشئ منهما بل يقال له يا رسول الله كما خاطبته خالة السائب لما أتت به إليه ولا يخفى تكلفه (قوله جلدا) بفتح الجيم وسكون اللام أي قويا صلبا (قوله ابن أربع وتسعين) يشعر بأنه رآه سنة اثنتين وتسعين لأنه كان له يوم مات النبي صلى الله عليه وسلم ثمان سنين كما ثبت من حديثه ففيه رد لقول الواقدي انه مات سنة إحدى وتسعين على أنه يمكن توجيه قوله وأبعد من قال مات قبل التسعين وقد قيل إنه مات سنة ست وتسعين وهو أشبه قال ابن أبي داود هو آخر من مات من الصحابة بالمدينة وقال غيره بل محمود بن الربيع وقيل بل محمود بن لبيد فإنه مات سنة تسع وتسعين (قوله باب خاتم النبوة) أي صفته وهو الذي كان بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم وكان من علاماته التي كان أهل الكتاب يعرفونه بها وادعى عياض هنا أن الخاتم هو أثر شق الملكين لما بين كتفيه وتعقبه النووي فقال هذا باطل لان الشق انما كان في صدره وبطنه وكذا قال القرطبي وأثره انما كان خطا واضحا من صدره إلى مراق بطنه كما في الصحيحين قال ولم يثبت قط أنه بلغ بالشق حتى نفذ من وراء ظهره ولو ثبت للزم عليه أن يكون مستطيلا من بين كتفيه إلى قطنته لأنه الذي يحاذي الصدر من سرته إلى مراق بطنه قال فهذه غفلة من هذا الامام ولعل ذلك وقع من بعض نساخ كتابه فإنه لم يسمع عليه فيما علمت كذا قال وقد وقفت على مستند القاضي وهو حديث عتبة بن عبد السلمي الذي أخرجه أحمد والطبراني وغيرهما عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف كان بدء أمرك فذكر القصة في ارتضاعه في بني سعد وفيه ان الملكين لما شقا صدره قال أحدهما للآخر خطه فخاطه وختم عليه بخاتم النبوة انتهى فلما ثبت ان خاتم النبوة كان بين كتفيه حمل ذلك عياض على أن الشق لما وقع في صدره ثم خيط حتى التأم كما كان ووقع الختم بين كتفيه كان ذلك أثر الشق وفهم النووي وغيره منه أن قوله بين كتفيه متعلق بالشق وليس كذلك بل هو متعلق باثر الختم ويؤيده ما وقع في حديث شداد بن أوس عند أبي يعلى والدلائل لأبي نعيم ان الملك لما أخرج قلبه وغسله ثم أعاده ختم عليه بخاتم في يده من نور فامتلأ نورا وذلك نور النبوة والحكمة فيحتمل أن يكون ظهر من وراء ظهره عند كتفه الأيسر لان القلب في تلك الجهة وفي حديث عائشة عند أبي داود الطيالسي والحارث بن أبي أسامة والدلائل لأبي نعيم أيضا ان جبريل وميكائيل لما تراءيا له عند المبعث هبط جبريل فسلقني لحلاوة القفا ثم شق عن قلبي فاستخرجه ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ثم أعاده مكانه ثم لأمه ثم ألقاني وختم في ظهري حتى وجدت مس الخاتم في قلبي وقال اقرأ الحديث هذا مستند القاضي فيما ذكره وليس بباطل ومقتضى هذه الأحاديث أن الخاتم لم يكن موجودا حين ولادته ففيه تعقيب على من زعم أنه ولد به وهو قول نقله أبو الفتح اليعمري بلفظ قيل ولد به وقيل حين وضع نقله مغلطاي عن يحيى بن عائذ والذي تقدم أثبت ووقع مثله في حديث أبي ذر عند أحمد والبيهقي في الدلائل وفيه وجعل خاتم النبوة بين كتفي كما هو الآن وفي حديث شداد بن أوس في المغازي لابن
(٤٠٩)