اختصارا لا يلزم منه عدم وقوعه فيحتمل ان يقال إن الولد الباقي كان في يد الكبرى وعجزت الأخرى عن إقامة البينة قال وهذا تأويل حسن جار على القواعد الشرعية وليس في السياق ما يأباه ولا يمنعه فان قيل فكيف ساغ لسليمان نقض حكمه فالجواب انه لم يعمد إلى نقض الحكم وانما احتال بحيلة لطيفة أظهرت ما في نفس الامر وذلك انهما لما أخبر تا سليمان بالقصة فدعا بالسكين ليشقه بينهما ولم يعزم على ذلك في الباطن وانما أراد استكشاف الامر فحصل مقصوده لذلك لجزع الصغرى الدال على عظيم الشفقة ولم يلتفت لي اقرارها بقولها هو ابن الكبرى لأنه علم أنها آثرت حياته فظهر له من قرينة شفقة الصغرى وعدمها في الكبرى مع ما انضاف إلى ذلك من القرينة الدالة على صدقها ما هجم به على الحكم للصغرى ويحتمل أن يكون سليمان عليه السلام ممن يسوغ له ان يحكم بعلمه أو تكون الكبرى في تلك الحالة اعترفت بالحق لما رأت من سليمان الجد والعزم في ذلك ونظير هذه القصة ما لو حكم حاكم على مدع منكر بيمين فلما مضى ليحلفه من استخرج من المنكر ما اقتضى اقراره بما أراد ان يحلف على جحده فإنه والحالة هذه يحكم عليه باقراره سواء كان ذلك قبل اليمين أو بعدها ولا يكون ذلك من نقض الحكم الاتول ولكن من باب تبدل الاحكام بتبدل الأسباب وقال ابن الجوزي استنبط سليمان لما رأى الامر محتملا فأجاد وكلاهما حكم بالاجتهاد لأنه لو كان داود حكم بالنص لما ساغ لسليمان ان يحكم بخلافة ودلت هذه القصة على أن الفطنة والفهم موهبة من الله لا تتعلق بكبر سن ولا صغره وفيه ان الحق في جهة واحدة وان الأنبياء يسوغ لهم الحكم بالاجتهاد وإن كان وجود النص ممكنا لديهم بالوحي لكن في ذلك زيادة في أجورهم ولعصمتهم من الخطأ في ذلك إذ لا يقرون لعصمتهم على الباطل وقال النووي ان سليمان فعل ذلك تحيلا على اظهار الحق فكان كما لو اعترف المحكوم له بعد الحكم أن الحق لخصمه وفيه استعمال الحيل في الاحكام لاستخراج الحقوق ولا يتأتى ذلك الا بمزيد الفطنة وممارسة الأحوال (قوله لا تفعل يرحمك الله) وقع في رواية مسلم والإسماعيلي من طريق ورقاء عن أبي الزناد لا يرحمك الله قال القرطبي ينبغي على هذه الرواية ان يقف قليلا بعد لا حتى يتبين للسامع ان الذي بعده كلام مستأنف لأنه إذا وصله بما بعده يتوهم السامع انه دعا عليه وانما هو دعاء له ويزول الابهام في مثل هذا بزيادة واو كأن يقول لا ويرحمك الله وفيه حجة لمن قال إن الام تستحلق والمشهور من مذهب مالك والشافعي انه لا يصح وقد تعرض المصنف لذلك في أواخر كتاب الفرائض ويأتي البحث فيه هناك إن شاء الله تعالى (قوله قال أبو هريرة) يعني بالاسناد إليه وليس تعليقا وقد وقع كذلك في رواية الإسماعيلي من طريق ورقاء عن أبي الزناد والمدية مثلثة الميم قيل للسكين ذلك لأنها تقطع مدى حياة الحيوان والسكين تذكر وتؤنث قيل لها ذلك لأنها تسكن حركة الحيوان (قوله باب قول الله تعالى ولقد آتينا لقمان الحكمة إلى قوله عظيم) اختلف في لقمان فقيل كان حبشيا وقيل كان نوبيا واختلف هل كان نبيا قال السهيلي كان نوبيا من أهل أيلة واسم أبيه عنقا بن شيرون وقال غيره هو ابن باعور بن ناحر بن آزر فهو ابن أخي إبراهيم وذكر وهب في المبتدا انه كان ابن أخت أيوب وقيل ابن خالته وروى الثوري في تفسيره عن أشعث عن عكرمة عن ابن عباس قال كان لقمان عبدا حبشيا نجارا وفي مصنف ابن أبي شيبة عن خالد بن ثابت الربعي أحد التابعين مثله وحكى أبو عبيد البكري في شرح الأمالي أنه كان مولى لقوم من
(٣٣٥)