المصير إليه والحاصل أنه لم يعاتب انكارا لما فعل بل جوابا له وايضاحا لحكمة شمول الهلاك لجميع أهل تلك القرية فضرب له المثل بذلك أي إذا اختلط من يستحق الاهلاك بغيره وتعين اهلاك الجميع طريقا إلى اهلاك المستحق جاز اهلاك الجميع ولهذا نظائر كتترس الكفار بالمسلمين وغير ذلك والله سبحانه أعلم وقال الكرماني النمل غيره مكلف فكيف أشير في الحديث إلى أنه لو أحرق نملة واحدة جاز مع أن القصاص انما يكون بالمثل لقوله تعالى وجزاء سيئة سيئة مثلها ثم أجاب بتجويز ان التحريق كان جائزا عنده ثم قال يرد على قولنا كان جائزا لو كان كذلك لما ذم عليه وأجاب بأنه قد يذم الرفيع القدر على خلاف الأولى انتهى والتعبير بالذم في هذا لا يليق بمقام النبي فينبغي أن يعبر بالعتاب وقال القرطبي ظاهر هذا الحديث أن هذا النبي انما عاتبه الله حيث انتقم لنفسه باهلاك جمع آذاه منه واحد وكان الأولى به الصبر والصفح وكأنه وقع له ان هذا النوع مؤذ لبني آدم وحرمة بني آدم أعظم من حرمة الحيوان فلو انفرد هذا النظر ولم ينضم إليه التشفي لم يعاتب قال والذي يؤيد هذا التمسك بأصل عصمة الأنبياء وانهم أعلم بالله وباحكامه من غيرهم وأشدهم له خشية انتهى * (تكملة) * النملة واحدة النمل وجمع الجمع نمال والنمل أعظم الحيوانات حيلة في طلب الرزق ومن عجيب أمره أنه إذا وجد شيئا ولو قل أنذر الباقين ويحتكر في زمن الصيف للشتاء وإذا خاف العفن على الحب أخرجه إلى ظاهر الأرض وإذا حفر مكانه اتخذها تعاريج لئلا يجري إليها ماء المطر وليس في الحيوان ما يحمل أثقل منه غيره والذر في النمل كالزنبور في النحل (قوله أمة من الأمم مسبحة 3) استدل به على أن الحيوان يسبح الله تعالى حقيقة ويتأيد به قول من حمل قوله وان من شئ الا يسبح بحمده على الحقيقة وتعقب بان ذلك لا يمنع الحمل على المجاز بأن يكون سببا للتسبيح * الحديث السابع عشر حديث أبي هريرة في الذباب إذا وقع في الاناء وسيأتى شرحه في كتاب الطب * (تنبيه) * وقع قبل هذا الحديث في رواية أبي ذر عن بعض شيوخه باب إذا وقع الذباب وساقه بلفظ الحديث وحذف عند الباقين وهو أولى فان الأحاديث التي بعده لا تعلق لها بذلك كما تقدم نظيره * الحديث الثامن عشر حديث أبي هريرة في المرأة التي سقت الكلب وسيأتى شرحه في أواخر أحاديث الأنبياء في ترجمة عيسى بن مريم * الحديث التاسع عشر حديث أبي طلحة في الصورة وسيأتى شرحه في كتاب اللباس * الحديث العشرون حديث ابن عمر قال أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب وسيأتى شرحه في كتاب الصيد * الحديث الحادي والعشرون حديث أبي هريرة من أمسك كلبا ينقص من عمله وقد تقدم شرحه في المزارعة * الحديث الثاني والعشرون حديث سفيان بن أبي زهير في المعنى وسبق شرحه هناك أيضا * (خاتمة) * اشتمل كتاب بدء الخلق من الأحاديث المرفوعة على مائة وستين
(٢٥٦)