السلامي معنى العظم أو المفصل فأعاد الضمير عليه كذلك والمعنى على كل مسلم مكلف بعد كل مفصل من عظامه صدقة لله تعالى على سبيل الشكر له بان جعل عظامه مفاصل يتمكن بها من القبض والبسط وخصت بالذكر لما في التصرف بها من دقائق الصنائع التي اختص بها الآدمي (قوله يعدل) فاعله الشخص المسلم المكلف وهو مبتدأ على تقدير العدل نحو تسمع بالمعيدي خير من أن تراه وقد قال سبحانه وتعالى ومن آياته يريكم البرق (قوله ويعين الرجل على دابته فيحمل عليها) هو موضع الترجمة فان قوله فيحمل عليها أعم من أن يريد يحمل عليها المتاع أو الراكب وقوله أو يرفع عليها متاعه اما شك من الراوي أو تنويع وحمل الراكب أعم من أن يحمله كما هو أو يعينه في الركوب فتصح الترجمة قال ابن المنير لا تؤخذ الترجمة من مجرد صيغة الفعل فإنه مطلق بل من جهة عموم المعنى وقد روى مسلم من حديث العباس في غزوة حنين قال وانا آخذ بركاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (قوله ويميط الأذى عن الطريق) تقدم في باب اماطة الأذى عن الطريق من هذا الوجه معلقا وحكى ابن بطال عن بعض من تقدمه أن هذا من قول أبي هريرة موقوف وتعقبه بان الفضائل لا تدرك بالقياس وانما تؤخذ توقيفا من النبي صلى الله عليه وسلم (قوله باب كراهية السفر بالمصاحف إلى أرض العدو) سقط لفظ كراهية الا للمستملي فاثبتها وبثبوتها يندفع الاشكال الآتي (قوله وكذلك يروى عن محمد بن بشر عن عبد الله) هو ابن عمر (عن نافع عن ابن عمر) وتابعه ابن إسحاق عن نافع اما رواية محمد بن بشر فوصلها إسحاق بن راهويه في مسنده عنه ولفظه كره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو وقال الدارقطني والبرقاني لم يروه بلفظ الكراهة الا محمد بن بشر وأما متابعة ابن إسحاق فهي بالمعنى لان أحمد أخرجه من طريقه بلفظ نهى ان يسافر بالمصحف إلى ارض العدو والنهي يقتضي الكراهة لأنه لا ينفك عن كراهة التنزيه أو التحريم (قوله وقد سافر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في أرض العدو وهم يعلمون القرآن) أشار البخاري بذلك إلى أن المراد بالنهي عن السفر بالقرآن السفر بالمصحف خشية أن يناله العدو لا السفر بالقرآن نفسه وقد تعقبه الإسماعيلي بأنه لم يقل أحد ان من يحسن القرآن لا يغزو العدو في دارهم وهو اعتراض من لم يفهم مراد البخاري وادعى المهلب ان مراد البخاري بذلك تقوية القول بالتفرقة بين العسكر الكثير والطائفة القليلة فيجوز في تلك دون هذه والله أعلم ثم ذكر المصنف حديث مالك في ذلك وهو بلفظ نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو وأورده ابن ماجة من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن مالك وزاد مخافة أن يناله العدو رواه ابن وهب عن مالك فقال خشية أن يناله العدو وأخرجه أبو داود عن القعنبي عن مالك فقال قال مالك أراه مخافة فذكره قال أبو عمر كذا قال يحيى بن يحيى الأندلسي ويحيى بن بكير وأكثر الرواة عن مالك جعلوا التعليل من كلامه ولم يرفعوه وأشار إلى أن ابن وهب تفرد برفعها وليس كذلك لما قدمته من رواية ابن ماجة وهذه الزيادة رفعها ابن إسحاق أيضا كما تقدم وكذلك أخرجها مسلم والنسائي وابن ماجة من طريق الليث عن نافع ومسلم من طريق أيوب بلفظ فاني لا آمن أن يناله العدو فصح انه مرفوع وليس بمدرج ولعل مالكا كان يجزم به ثم صار يشك في رفعه فجعله من تفسير نفسه قال ابن عبد البر أجمع الفقهاء أن لا يسافر بالمصحف في السرايا والعسكر الصغير المخوف عليه
(٩٣)